تحسين العمليات التشغيلية.. طريقك لجودة مستدامة وريادة تنافسية

في عصر يتسم بالتنافسية الشديدة والديناميكية المتواصلة، لم تعد جودة المنتج أو الخدمة وحدها كافية لضمان التفوق المؤسسي، بل أصبح تحسين العمليات التشغيلية ضرورة استراتيجية قصوى. فالمؤسسات التي تسعى للريادة تدرك أن الكفاءة والفعالية لا تتحققان بالصدفة، بل عبر تطبيق أطر عمل منهجية تهدف إلى تقليل الهدر، وتعزيز الإنتاجية، ورفع مستويات الجودة.
علاوة على ذلك، تؤكد معظم الدراسات الأوروبية أن تحسين العمليات التشغيلية لم يعد رفاهية، بل هو حاجة ملحة لضمان بقاء المؤسسات ونموها في الأسواق. تقدم هذه الأطر أدوات عملية ومجربة يمكن استخدامها لتحليل وتحسين أداء العمليات في مختلف البيئات التنظيمية. ما يمكن القادة من اتخاذ قرارات مستنيرة وتوجيه جهود فرقهم نحو تحقيق أفضل النتائج الممكنة، وفقًا لما أظهرته دراسة حديثة صادرة عن جامعة ستانفورد لعام 2023.
فهرس المحتوي
إطار Six Sigmaنظرية القيودلماذا خمس مرات؟ اللين (Lean)إعادة هندسة العمليات وإدارة الجودة الشاملةأدوات حيوية تضمن بقاء المؤسسات
إطار Six Sigma
وعلى صعيد الجودة، يبرز إطار “Six Sigma” كمنهجية قوية لتحسين العمليات التشغيلية؛ حيث يهدف إلى تقليل العيوب من خلال تقليل التباين في العمليات. يستخدم هذا الإطار بشكلٍ خاص في العمليات التي تؤثر العيوب فيها على السلامة أو الجودة، مثل: صناعة الطيران التي تطبق “Six Sigma” لتقليل نسبة الخطأ في مكونات المحركات الحساسة. ما يضمن أقصى درجات الأمان.
في المقابل، تتميز منهجية “Six Sigma” بخطواتها الخمس: تحديد المشكلة، قياس الأداء الحالي، تحليل الأسباب الجذرية، تحسين العملية، والتحكم بالمخرجات لضمان استدامة التحسين. هذا النهج المنهجي يمكن المؤسسات من معالجة المشكلات من جذورها، ويعزز من دقة العمليات، ويقلل من التكاليف المرتبطة بالأخطاء والعيوب.
نظرية القيود
في حين تقدم “نظرية القيود” (TOC) منهجية فريدة لتحسين العمليات التشغيلية؛ إذ تركز على التخلص من الاختناقات لتحسين الأداء العام للمنظومة. كما تستخدم هذه النظرية في الأنظمة المعقدة ذات العمليات المترابطة، مثل: مصنع إنتاج يكتشف أن قسم التغليف يبطئ الشحن، فيركز على تسريعه لتحسين التدفق العام للعملية.
وتطبق منهجية “نظرية القيود” عبر أربع خطوات رئيسية: تحديد أضعف نقطة (الاختناق)، استغلالها وتحسينها، مواءمة بقية العمليات لتناسبها، ورفع كفاءتها باستمرار. هذا الأسلوب يساعد المؤسسات على تحقيق أقصى استفادة من مواردها. كما يمكنها أيضًا من تحقيق تحسينات سريعة وملموسة في الأداء.
لماذا خمس مرات؟
من ناحية أخرى، تقدم تقنية “سؤال لماذا خمس مرات؟ ” أسلوبًا بسيطًا ولكنه عميق لتحسين العمليات التشغيلية. تهدف هذه الأداة إلى الوصول إلى جذر المشكلة بطرح سؤال “لماذا؟” خمس مرات متتالية. تعد هذه التقنية مثالية لتحليل المشاكل المتكررة أو الغامضة، مثل تأخر شحنة بسبب مورد لم يتلقّ الطلب في الوقت المحدد. ما يكشف عن ثغرة في نظام طلبات الشراء.
في السياق ذاته، يكمن نجاح هذه الأداة في قدرتها على تجاوز الأعراض السطحية للمشكلات. والتعمق في الأسباب الحقيقية التي تؤدي إليها. هذا الفهم الجذري يمكن الفرق من وضع حلول دائمة وفعّالة. ما يقلل من احتمالية تكرار المشكلة في المستقبل، ويعزز من استقرار العمليات.
اللين (Lean)
كذلك، يعد إطار “اللين” (Lean) منهجية قوية لتحسين العمليات التشغيلية؛ حيث يهدف إلى تقليل الهدر وتبسيط العمليات وتعظيم القيمة للعميل. وتستخدم هذه المنهجية غالبًا في العمليات القديمة أو غير الفعّالة. مثل: مستشفى يعيد تصميم تدفق المرضى لتقليل وقت الانتظار في قسم الطوارئ. ما يحسن من تجربة العميل ويزيد من كفاءة العمل.
علاوة على ذلك فإنه في هذا الجانب، تعتمد منهجية “اللين” على خمس خطوات رئيسية: تحديد القيمة، رسم سلسلة القيمة، خلق تدفق سلس، بناء نظام سحب، والتحسين المستمر. هذا النهج يركز على إضافة قيمة حقيقية للعميل، ويزيل كل ما هو غير ضروري من العمليات. ما يعزز من الإنتاجية ويقلل من التكاليف.
إعادة هندسة العمليات وإدارة الجودة الشاملة
من ناحية أخرى، تعد “إعادة هندسة العمليات” خيارًا مثاليًا عندما يتطلب الأمر تحولًا جذريًا في العمليات التشغيلية. تهدف هذه المنهجية إلى إعادة تصميم العمليات بالكامل لتحسين الجودة أو السرعة أو الإنتاجية. على سبيل المثال، شركة اتصالات تلغي نظام الفوترة الورقي وتتحول لنظام رقمي شامل. ما يحقق قفزة نوعية في الكفاءة.
في المقابل، تقدم “إدارة الجودة الشاملة” منهجية متكاملة لـتحسين العمليات التشغيلية من خلال التركيز على العميل ومشاركة الموظفين. وتستخدم هذه المنهجية في العمليات التي تؤثر مباشرة على رضا العملاء. مثل: شركة خدمات مالية تطبق “TQM” لتقليل أخطاء معالجة المعاملات وزيادة رضا العملاء. ما يعزز من ولاء العملاء وثقتهم في الشركة.
أدوات حيوية تضمن بقاء المؤسسات
وبالأخير، يتضح أن أطر العمل الاستراتيجية لتحسين العمليات التشغيلية ليست مجرد نظريات أكاديمية. بل هي أدوات حيوية تضمن بقاء المؤسسات ونموها في سوق تنافسي. فسواء كانت المنظمة تسعى لتقليل العيوب عبر Six Sigma، أو إزالة الاختناقات باستخدام نظرية القيود. أو الوصول إلى جذر المشكلات عبر تقنية لماذا خمس مرات، أو تبسيط العمليات من خلال منهجية اللين. فإن الهدف يبقى واحدًا: تحويل الرؤى إلى أداء ملموس وفعال.
هذه الأطر، بما فيها إعادة هندسة العمليات وإدارة الجودة الشاملة، تمكن المؤسسات من تجاوز التحديات التشغيلية. وتعزز من قدرتها على تقديم قيمة حقيقية للعملاء. كما تؤكد أن الكفاءة ليست مجرد خيار، بل هي بوصلة أساسية تقود نحو التفوق والريادة المستدامة.
الرابط المختصر :
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه