محافظات سوريا تشارك في إطلاق صندوق التنمية.. كيف علّق السوريون على الخطوة؟

شهدت المحافظات السورية، الخميس، حضوراً جماهيرياً لافتاً ضمن فعاليات إطلاق صندوق التنمية السوري، تزامناً مع الغعالية المركزية في قلعة دمشق التاريخية بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع وطيف واسع من رجال الأعمال والوزراء وناشطي العمل الإنساني في سوريا.
وأتاحت الفعاليات لعدد كبير من السوريين التجمع في ساحات مخصصة، ومتابعة الاحتفال المركزي في العاصمة دمشق، عبر خدمة البث المباشر، وسط احتفاء واسع بخطوة تنقل الواقع السوري من "مرحلة الإغاثة إلى التنمية"، وفقاً لما عبّر القائمون على الخطوة.
وتنوّعت آمال السوريين بالخطوة التي تعد الأضخم في سبيل إعادة المهجرين السوريين إلى منازلهم وإنهاء معاناة المخيمات، إلى جانب دعم قطاعات التعليم والبنى التحتية والخدمات الأساسية في سوريا، في وقتٍ ما زال الآلاف يقطنون الخيام ضمن ظروف إنسانية صعبة، بينما يعاني آلاف آخرون من سوء الخدمات وتدهور البنية التحتية، فضلاً عن تحديات معيشية كبيرة.
"السوريون شركاء في الحل"
في حمص، دعت المحافظة المواطنين إلى متابعة البث المباشر لفعاليات إطلاق صندوق التنمية والتي أقيمت خلف مبنى المحافظة.
وفي هذا السياق، قال مدير مكتب الفعاليات في الشؤون السياسية في المحافظة، غزوان نكدلي لموقع تلفزيون سوريا: "نرحّب اليوم بالحضور الكريم، ووجودهم يعكس رغبة صادقة لدى الناس في أن يكونوا شركاء فعليين في الحل. إنها انطلاقة جديدة نحو الإعمار والتمكين، وصندوق التنمية السوري جاء ليجسّد هذه الشراكة."
وأوضح نكدلي أن أهداف الصندوق تتركز في:
تمويل وقيادة مشاريع إعادة إعمار البنية التحتية.
تقديم قروض حسنة لتمويل مشاريع متنوعة.
دعم الشباب والمجتمع المحلي من خلال خلق فرص عمل وتوفير خدمات أساسية.
وبيّن أن ما يميز الصندوق هو كونه مؤسسة مستقلة مالياً وإدارياً، ترتبط برئاسة الجمهورية، وتمتلك القدرة على ربط الواقع الاقتصادي باحتياجات الناس، إضافة إلى إتاحة المشاركة الشعبية الواسعة في مسار التنمية.
أما فيما يتعلق بمصادر التمويل، فأكد نكدلي أنها ستعتمد على التبرعات الفردية من السوريين في الداخل والخارج، وبرنامج "المتبرع الدائم" عبر الاشتراكات الشهرية، فضلاً عن الهبات والإعانات وفق الأنظمة المعمول بها، إلى جانب العائدات المتحققة من المشاريع التنموية.
"تكامل جهود الحكومة والشعب"
في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، اعتبر الناشط المدني حسام بدرخان أن إطلاق صندوق التنمية في هذا التوقيت يمثل خطوة شديدة الأهمية، كونه يشكّل إحدى المبادرات العاجلة لدعم جهود إعادة إعمار البلاد بأيدي أبنائها. وأكد أن النهوض بالوطن لا يمكن أن يتحقق إلا بتكاتف الجميع من أجل استعادة الحياة من جديد.
وأشار بدرخان إلى أن الذكرى الأولى للتحرير باتت على بُعد ثلاثة أشهر فقط، مذكّراً بأن مدينة حمص كانت من أكثر المحافظات التي نالت نصيباً كبيراً من الدمار على يد النظام السابق، سواء في البنية التحتية أو في قطاع التعليم أو حتى في النسيج الاجتماعي الذي أصابه أذى بالغا.
وأضاف أن دور الناشطين المدنيين يتمثل في مساندة أي مبادرة تسهم في إعادة بناء الدولة ومعالجة الشرخ النفسي العميق الذي خلّفه النظام المخلوع في نفوس السوريين، حيث ما زالت آثاره مؤلمة. وشدد على أن واجب كل ناشط مدني أو إعلامي، بل وكل مواطن يشعر بالانتماء إلى وطنه، أن يتحلى بروح المسؤولية تجاه المساهمة في نهضة بلده.
ويرى بدرخان أن صندوق التنمية يُعد من أبرز المبادرات القادرة على تسريع عملية الإعمار، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة واقتراب الذكرى الأولى للتحرير، لافتاً إلى أن قطاعات أساسية كالتعليم عبر ترميم المدارس، والصحة من خلال تجهيز المستوصفات والمشافي بالأجهزة الطبية، تحتاج إلى تدخل عاجل. وأكد أن النجاح في هذه المهام لن يتحقق إلا بتكامل جهود الشعب مع مؤسسات الدولة لبناء وطن يليق بأبنائه.
"مشروع وطني جامع"
من جانبه، أوضح الناشط المدني والإعلامي أبو علاء حمص، أحد المشاركين في الحراك الشعبي منذ انطلاق الثورة السورية، لموقع تلفزيون سوريا، أن هذه الفعالية تمثل فرحة للسوريين جميعاً، فإطلاق صندوق التنمية ليس مجرد احتفال رمزي، بل خطوة عملية تخص كل المحافظات السورية. وأشار إلى أن المبادرة تمثل محاولة جدية لإعادة بناء الوطن من الداخل، بالاعتماد على الاقتصاد الوطني، بعيداً عن الامتيازات أو الضغوط السياسية الخارجية.
وأضاف أبو علاء أن هذه الخطوة تشكل أيضاً انتصاراً للثورة، لأن الصندوق قائم على أموال وجهود الشعب السوري وسواعد شبابه، وهو ما سيتيح تصدير صورة اقتصادية جديدة لسوريا، تحت إشراف رئاسة الجمهورية والحكومة، وضمن مؤسسة وطنية متكاملة.
وشدد على أن نتائج الصندوق ستنعكس مباشرة على حياة المواطنين، بوصفه مشروعاً وطنياً جامعاً يشمل جميع السوريين بمختلف أطيافهم، باستثناء من تلطخت أيديهم بدماء الشعب، مؤكداً أن هذا الصندوق هو "مشروع الشعب".
"خطوة استراتيجية في إعادة الإعمار"
وفي حماة، تجمع أبناء من المدينة في ساحة العاصي أمام مبنى المحافظة، وشهدت الفعالية إطلاق ألعاب نارية احتفاءً بإطلاق الصندوق.
يقول حارث الموسى، طالب جامعي وناشط من مدينة طيبة الإمام بريف حماة، إن "انطلاقة صندوق التنمية تمثّل أول خطوة استراتيجية في مسار إعادة الإعمار وهدم الخيم التي أثقلت كاهل السوريين، ويعزز مبدأ التكافل الاجتماعي وتنمية حس المسؤولية بضرورة المبادرة من الداخل السوري، للوصول إلى بنك مالي سيادي يدار من رئاسة الجمهورية".
وأوضح أن الصندوق من شأنه أن يكون "مرجعية أساسية في حالات الطوارئ والكوارث، لتجنّب الدخول في تيه القروض الدولية وتحمّل الأعباء والتّبعات المستقبلية، وهذه مجموعة أهداف مهمة يتراوح وقت تنفيذها بين المدى القريب والبعيد، ولا تُنجز إلا بتظافر جهود كل السوريين".
ودعم الموسى فكرة إدارة الصندوق من الرئاسة السورية، ولفت إلى أن "العمل في المجال الإنساني خلال الثورة من جمعيات ومنظمات مستقلة كان عرضةً للتخوين والطعن دائماً ولم تأخذ تلك المؤسسات الثقة المطلوبة من شريحة كبيرة من المجتمع السوري، على الرغم من تقديم بعض منها نتائج إيجابية وأثرا ملموسا على الأرض لكن حالة التخوين لم تستثنها، بالمقابل هناك ثقة مجتمعية عالية بالدولة الجديدة عند نسبة كبيرة من الشعب -بتقديري الشخصي- وإشرافها على المشروع بشكل مباشر وتبنيها له يضفي طابع ثقة عند عامة الناس، لاسيما مع وجود اختصاصيين يعملون تحت إشراف الرئاسة ويطرحون ملفات متعلقة بالشفافية ويقدمونها بشكل دوري.
"خطوة أمل"
وفي إدلب، شهد ملعب إدلب البلدي، فعالية إطلاق صندوق التنمية، بحضور رسمي وشعبي، ويقول أحمد حمادة وهو موظف حكومي، تعليقاً على الانطلاقة: "لقد أصبح هذا المشروع بالفعل عنواناً للتكافل الوطني ونهضة المجتمع، فهو ليس مجرد مبادرة عابرة، بل خطوة استراتيجية تحمل في طياتها الكثير من الأمل."
وأوضح حمادة لموقع تلفزيون سوريا أنه ينظر إلى هذه الخطوة بتفاؤل كبير، لما لها من أثر ملموس في تحسين حياة السوريين على مختلف المستويات، موضحاً أن الصندوق يسعى إلى توحيد جهود الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص ضمن إطار واحد، يقوم على الشفافية الكاملة في إدارة الموارد.
وأضاف أن ما يميز هذه المبادرة هو كونها لا تقتصر على الجانب المالي فحسب، بل تتجه نحو تنفيذ مشاريع خدمية واقتصادية حقيقية، من شأنها أن تسهم في إعادة بناء البنية التحتية وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. كما أشار إلى أن هذه المشاريع ستوفّر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ما يساعد في الحد من البطالة، ويمنح الشباب فرصة للإسهام في نهضة وطنهم بفعالية.
وختم حمادة بالقول: "إننا أمام تجربة وطنية جامعة، تُعيد الثقة بين الناس والدولة، وتفتح الباب أمام مشاركة واسعة من مختلف مكوّنات المجتمع، والأهم أنها تمثل خطوة عملية باتجاه بناء مستقبل يليق بتضحيات السوريين وصبرهم."
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه