مستقبل سوريا سيُكتَب في دمشق؛ فالكيانُ الصهيوني لا يملك فرصةً لفرض مشروعٍ سياسي على تركيا في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على الحدود.
نقلاً عن وكالة «الأناضول» وترجمة فريق تحرير منصة كوزال نت، كتب الباحث الأستاذ الدكتور حسين ألبتكين مقالة تناولت التطوّرات الدبلوماسية الأخيرة في سوريا، مسلِّطًا الضوء على انحراف تنظيم PKK/YPG — المعروف باسم قوات سوريا الديمقراطية — عن اتفاق 10 آذار/مارس.
ما هو مستقبل سوريا في ظل تحديات التقسيم بشمال وشرق البلاد؟
شهدت سوريا الأسبوع الماضي نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا، إذ زار وزير الخارجية هاكان فيدان دمشق يوم الخميس 7 آب/أغسطس، والتقى الرئيس السوري أحمد الشرع. كانت هذه الزيارة الثالثة لفيـدان خلال الأشهر التي تلت سقوط نظام الأسد، وجاءت في توقيتٍ حاسم قبل تطورين مهمين: مؤتمرٌ مُقدَّر أن تنظمه منظمة PKK/YPG في الحسكة، واجتماعٌ مرتقب بين الحكومة السورية وقسد في باريس.
بسبب هذا التوقيت، لاقت محادثات فيدان مع الشرع اهتمامًا إعلاميًا واسعًا في أوروبا إلى جانب التغطية المحلية في تركيا وسوريا. وتشير التطورات اللاحقة إلى أن مستقبل سوريا يبدو أنه سيتحدَّد في دمشق لا في باريس.
بعد يومٍ واحد من زيارة فيدان، نظمت قوات سوريا الديمقراطية مؤتمرًا في مدينة الحسكة حمل اسم «مؤتمر الموقف المشترك لمكونات شمال وشرق سوريا»، شارك فيه نحو 500 شخص؛ وأصدر المؤتمر بيانًا ختاميًا بدا وكأنه يكوّن «قطع أحجية» بدلًا من رسم صورة لسوريا موحّدة. كما شارك عبر مكالمة فيديو الزعيم الروحي للطائفة الدرزية حكمت الهجري، الذي تُنسَب إليه اتهامات بمحاولات تحريضٍ درزي، وسط تقارير عن مساعي لتقاربٍ مع جهاتٍ إقليمية.
أظهرت تركيبة المتحدثين ومضامين البيان الختامي بوضوح أن تنظيم PKK/YPG، الذي يعمل تحت اسم قوات سوريا الديمقراطية، ماضٍ في سياساتٍ تدفع نحو تقسيم البلاد على أسسٍ عرقية وطائفية بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية.
الانحراف عن اتفاق 10 آذار/مارس
أدّى مؤتمر الحسكة (8 آب/أغسطس) إلى مظهرٍ من الانحراف الخطير عن بروتوكول اتفاق 10 آذار/مارس، الذي وُقِّع بين الحكومة السورية وقسد ووَضَع خارطة طريق لدمج عناصر قسد في مؤسسات الدولة السورية. تنص بنود الاتفاق على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا — بما في ذلك المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز — ضمن إدارة الدولة، مع تأكيدٍ صريح على وحدة الأراضي ورفض أي شكلٍ من أشكال الهيكل المستقل.
تجاهلُ هذه الالتزامات في مؤتمر الحسكة أثار رد فعلٍ رسميًا من دمشق، التي دعت قسد إلى الالتزام بما تعهَّدت به في 10 آذار/مارس وأعلنت مقاطعتها للاجتماعات المزمع عقدها في باريس.
وتتهم دمشق قسد بالتعاون مع جهاتٍ خارجية في سعيها لتكريس أجنداتٍ فصلية؛ في المقابل ترى قسد وفرقاء دعم أوروبي محتمل أنها تملك مواقف سياسية تُبرّر تحرّكاتها. ومع ذلك، تفتقر قسد وبعض داعميها الخارجيين إلى سلطةٍ قانونية أو وجود فعلي داخل مؤسسات الدولة السورية، ما يضع سقفًا حقيقيًّا لقدرتهم على فرض تغييراتٍ جوهرية.
في الوقت الذي تُجري فيه الولايات المتحدة مراجعةً لدعمها لقسد، ومحاولة بعض القوى الأوروبية شغل فراغٍ قد تتركه واشنطن، تبقى القدرة على النفوذ الميداني مرتبطة بوجودٍ وجذور داخل سوريا، وهو ما تفتقده بعض الأطراف الخارجية.
من جهةٍ أخرى، يواصل نظام دمشق تعزيز قدراته بمساندةٍ إقليمية، وتبرز معادلةٌ جديدة منسجمة مع مصالح تركيا في بعض الملفات. ورغم محاولات بعض الأطراف — من بينها تصريحات وأفعال إقليمية — لتأمين دعم بديل لقسد، فإن الواقع الميداني والسياسي لا يبدو حاضنًا لتلك المشاريع، لا سيما إذا استمرت أنقرة ودمشق في تنسيق مواقفهما.
خيار مصيري أمام قسد
تواجه قوات سوريا الديمقراطية اليوم خيارًا مصيريًا: إما الالتزام الكامل بملفات الدمج والالتزامات الواردة في اتفاق 10 آذار/مارس، أو الإبقاء على المراوحة ورفض الاندماج، ما قد يفتح الباب أمام حلولٍ أخرى، ربما تشمل ضغوطًا سياسية أو عملياتٍ عسكرية في المستقبل.
التطورات الأخيرة تُبرز أن الحلّ السياسي في سوريا مرهون بقدرة الفاعلين المحليين على تنفيذ الاتفاقات المعلنة، وبمدى تجاوب الأطراف الإقليمية والدولية مع خيارٍ يحفظ وحدة سوريا وسيادتها ويفتح طريقًا حقيقيًا لإعادة الاستقرار.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه