Published On 23/12/2025|آخر تحديث: 19:58 (توقيت مكة)في مشهد سياسي وإقليمي يتسم بالتوتر والتغير المستمر، برزت زيارة توم براك المبعوث الرسمي للرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى تل أبيب بوصفها خطوة أثارت اهتماما واسعا في الأوساط الإسرائيلية والإقليمية على حد سواء، ذاك أن توقيتها وطبيعة الضيف والرسائل التي حملها، فتحت الباب أمام تساؤلات عميقة حول ما يمكن أن يطرأ على ساحات إقليمية ترتبط بالأنشطة الإسرائيلية.أهم هذه الرسائل ما يتعلق بردة فعل اغتيال أحد أبرز قيادات حركة حماس في قطاع غزة رائد سعد الذي عده الرئيس الأميركي صراحة انتهاكا لوقف النار وخطة السلام في قطاع غزة، والتحركات العسكرية الإسرائيلية في جنوب لبنان وتنفيذ اغتيالات ضد عناصر من حزب الله، رغم سريان وقف إطلاق النار، ثم الخطوط الحمراء للنشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا، ورؤية واشنطن للرئيس السوري أحمد الشرع كونه حليفا يحاول تدعيم استقرار الدولة.تأتي زيارة سوريا في مرحلة تتعدد فيها التقديرات حول مستقبل المواجهة غير المباشرة بين طهران وتل أبيب فوق الأراضي السورية، كما تعاني الحكومة السورية من محاولات بعض القوى تقسيم وحدة البلاد، في وقت تبدو فيه دمشق أمام مفترق طرق حساس. فما الذي يمكن توقعه بعد هذه الزيارة؟ وكيف قرأتها دمشق؟ وما الذي عبرت عنه وسائل الإعلام الإسرائيلية؟تدل المؤشرات على أن زيارة براك تأتي ضمن مراجعة أوسع لقواعد الاشتباك في سوريا، في ظل التغيرات المتسارعة في مواقع القوات الإيرانية وحلفائها.ولا تستبعد المؤشرات أيضا فرضية أن براك قد قدم ملاحظات نقدية أو تحذيرية للحكومة بشأن أخطار الانزلاق إلى مواجهة واسعة على الجبهة الشمالية، في ظل الحديث المتزايد داخل إسرائيل عن احتمال تمدد الصراع الإقليمي ليشمل سوريا ولبنان بصورة أكبر. وأوضح براك أن استمرار العمليات العسكرية يقوض الجهود الأميركية لتثبيت الاستقرار في سوريا، بل ويضعف فرص التوصل لاتفاق أمني بين دمشق وتل أبيب. إعلان عموما فإن دوافع الزيارة، كما عبرت عنها وسائل إعلام أميركية-إسرائيلية هي لاستكشاف قنوات جديدة للاتصال بين أطراف إقليمية معنية بالشأن السوري، وبحث إمكانيات للتهدئة أو اتفاقات غير معلنة "وهو المهم" حول مناطق النفوذ والحدود الأمنية ومراجعة السياسات الإسرائيلية إزاء التواجد الإيراني ومليشياتها في سوريا. وأيضا محاولة بلورة رؤية مشتركة بين رؤى إقليمية في ظل التغيرات في الإدارة الأميركية والمنطقة.سياسات إيران وحزب الله في جنوب لبنان تشكل أحد أهم عوائق إنهاء الحرب والتنمر الإسرائيلي في المنطقة، فمع كل جهد حكومي لبناني أو سوري لتحشيد دولي ضاغط ضد العدوان الإسرائيلي يخرج تصريح من هنا أو هناك ليعطي مبررات جديدة للهجمات الإسرائيليةإسرائيل غيرت من إستراتيجيتها العدوانية التوسعية ضد سوريا، وتحديدا منذ الثامن من ديسمبر /كانون الأول 2024؛ حيث دمرت قدرات الجيش السوري، واحتلت أكثر من 300 كيلومتر من المنطقة العازلة في سوريا، إضافة إلى مرتفعات جبل الشيخ؛ وهي بمجملها تشكل طوقا أمنيا لشمال إسرائيل، يبدأ من جنوب سوريا حتى نهر الليطاني في جنوب لبنان.وهي وفق هذه الرؤية والإستراتيجية العدوانية لا يمكن لها أن تتراجع عن هذه الأراضي، بل لم تعد ترى في أي اتفاق أمني مع سوريا أو لبنان مكافئا عمليا لهذا المنجز الجيوستراتيجي، خصوصا مع تراجع التدخل العالمي لإجبارها على الامتثال للقرارات الأممية ذات العلاقة.الحكومة السورية ترى أنها المتضرر الأكبر من الضربات الجوية الإسرائيلية بالرغم من إعلانات إسرائيل أن المستهدف هي تموضعات "إيرانية ومراكز لتصنيع أسلحة وذخائر".على هذا الأساس لا تتوقع دمشق توقف هذه الضربات، بل هي تخشى فعلا من توسعها لتستهدف منشآت سورية وقواعد جوية خالصة. لكن مع ذلك فإن المتوقع جدا أن براك أبلغ رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو الخطوط الحمراء التي حددها الرئيس دونالد ترامب تجاه التعامل مع سوريا وأنه، أي ترامب يدعم استقرار سوريا وحكمها الجديد.الرئيس الأميركي لم يخفِ انتقاده إسرائيل بسبب غاراتها المتكررة داخل سوريا وأنها تجاوزت حدود المعقول وباتت عاملا من عوامل الضرر بالمصالح والقوات الأميركية والاستقرار الإقليمي.هذا الانتقاد مع الخطوط الحمراء المتمثلة بمطالبة واشنطن من تل أبيب بخفض وتيرة العمليات ومنع توجيه ضربات قد تؤدي إلى تصعيد مع إيران في غير زمانه، والتنسيق المسبق مع البنتاغون قبل أي عملية حساسة. هذه الخطوط الحمراء قد تدفع إسرائيل إلى إعادة تقييم إستراتيجيتها وتحديد حدود العمليات المقبلة بما يضمن عدم خسارة الغطاء السياسي الأميركي.تأثير الزيارة على الوضع الميداني في سورياالساحة السورية تشهد توازنا هشا بين الفصائل المحلية والإيرانية والتركية والأميركية، فضلا عن القوات الحكومية، وزيارة براك لإسرائيل قد تفتح آفاقا للتنسيق غير المباشر بين دمشق وتل أبيب لتقليل الاحتكاكات العسكرية، خصوصا في جنوب سوريا، كما قد تتيح لسوريا قنوات خلفية للتفاوض حول مناطق خفض التصعيد، ما قد يسهم في تخفيف حدة الاشتباكات، أو تعديل انتشار بعض القوات الأجنبية.هذا إذا ما استبعدنا أن تكون الزيارة بمثابة رسالة تحذير لطرف ثالث (مثل إيران أو حزب الله) بأن هناك إعادة تقييم للإستراتيجية الأمنية من قبل سوريا وإسرائيل برعاية أميركية.على ذكر إيران وحزب الله، وهما مركز الحجج الإسرائيلية لفلسفة العدوان المستمر، فإن سياسات إيران ومن أمامها حزب الله في جنوب لبنان تشكل أحد أهم عوائق إنهاء الحرب والتنمر الإسرائيلي في المنطقة، فمع كل جهد حكومي لبناني أو سوري لتحشيد دولي ضاغط ضد العدوان الإسرائيلي يخرج تصريح من هنا أو هناك ليعطي مبررات جديدة للهجمات الإسرائيلية، فمثلا مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي يؤكد أن إيران ستواصل بشكل حازم دعم حزب الله، بوصفه أحد أعمدة المقاومة في مواجهة إسرائيل، فيما أكد عبدالله صفي الدين ممثل حزب الله لدى طهران أن الحزب اليوم بات أقوى من أي وقت مضى، وأن الحزب لن يضع سلاحه تحت أي ظرف، وأنه سيرد على إسرائيل متى ما قرر وبقوة أيضا. إعلان الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





