هل إستراتيجية ترمب للأمن القومي والطاقة قابلة للتطبيق والاستمرار؟ أنس الحجي يكشف مفاجأة - الطاقة

بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب إستراتيجية الأمن القومي الجديدة، تتوالى القراءات النقدية المعمقة، التي أثارت تفاعلات واسعة في الإعلام العربي وسط تباين في التفسيرات والتحليلات المقدمة حولها. وفي هذا السياق، يرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن الوثيقة لم تُناقش بقدر كافٍ من التحليل العلمي، رغم أنها تُعد من أهم الملفات التي تتعلق بمستقبل السياسة الأميركية في الداخل والخارج. وأكد أن الإعلام العربي بالغ في تفسير مضامين الوثيقة، وذهب في بعض الأحيان إلى أبعد مما ذكره ترمب نفسه، في خلط واضح بين الأمنيات والسياسات القابلة للتطبيق في الواقع العملي داخل الولايات المتحدة. وأشار إلى ضرورة التفرقة بين ما يطرحه ترمب بوصفه رئيسًا يملك صلاحيات تنفيذية مؤقتة، وبين ما يمكن أن يتحول إلى سياسة مؤسسية راسخة تمثل الدولة العميقة وتستمر مهما تغيرت الإدارات الأميركية المتعاقبة. جاءت تلك التصريحات خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدمها أنس الحجي عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" تحت عنوان: "الطاقة والذكاء الاصطناعي.. رؤية ترمب للهيمنة الأميركية على العالم". رؤية نقدية لإستراتيجية الأمن القومي قال أنس الحجي إن إستراتيجية الأمن القومي التي صدرت عن الإدارة الأميركية حملت العديد من الأفكار المتنافرة، رغم أن ترمب قدّمها بصيغة طموحات كبرى تعكس رؤيته لمكانة الولايات المتحدة في عالم شديد التعقيد. وأوضح أن الوثيقة -حتى فيما يتعلق بمجال الطاقة- كانت أقرب إلى قائمة رغبات كتبها شخص في ساعة متأخرة، يدوّن ما يتمنى تحقيقه بغض النظر عن مدى قدرة الدولة فعليًا على تنفيذ تلك الأهداف في المدى المتوسط أو الطويل. الرئيس الأميركي دونالد ترمب - الصورة من براتينيكا وأشار خبير اقتصادات الطاقة إلى أن مناقشة هذه الوثيقة تتطلب فصل ما هو جديد فيها عمّا هو امتداد لرؤى جمهورية سابقة، مع التدقيق فيما إذا كانت بعض البنود تمثل أفكار ترمب حصريًا أم توجهات راسخة داخل تيار سياسي أكبر. وشدّد على ضرورة طرح السؤال الأهم: هل السياسات المقترحة قابلة للتنفيذ؟ فالإدارة قد تطبق بعض الإجراءات، لكن نجاحها شيء مختلف تمامًا، كما أن النتائج غير المقصودة قد تكون أكثر تأثيرًا من الأهداف المعلنة. وأكد أن المتخصصين في الاقتصاد والسياسة يرصدون دائمًا الآثار الجانبية لأي سياسة، خاصة عندما تتعلق بقطاعات حساسة مثل الطاقة؛ إذ يمكن لأي قرار خاطئ أن ينعكس على الأسواق العالمية والاقتصادات الناشئة. وأضاف: "قراءة الإستراتيجية تتطلب تمييز البنود المستدامة التي قد تصبح جزءًا من عقيدة الأمن القومي الأميركي، مقابل البنود المؤقتة التي تعكس مزاج ترمب السياسي وقد تُلغى بانتهاء مدته كما حدث مع قرارات رئاسية سابقة". ولفت إلى أن تقييم وثيقة إستراتيجية الأمن القومي الأميركية لا ينحصر في قطاع الطاقة أو الشرق الأوسط، بل يجب أن يشمل كل صفحاتها، لأن الأسئلة التي طرحها تصلح لتفكيك أي سياسة، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو أمنية. حدود السلطة التنفيذية وتأثير المؤسسات الأميركية أشار أنس الحجي إلى أن جزءًا كبيرًا مما طرحه ترمب في الإستراتيجية يعتمد على الأوامر التنفيذية، وهي قرارات يمكن للرئيس اتخاذها دون موافقة الكونغرس، ما يجعلها عرضة للإلغاء بمجرد وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض. وأكد أن التجربة الأميركية تُظهر كيف ألغى الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قرارات رئاسية أصدرها ترمب في ولايته الأولى، ثم جاء الأخير –عند عودته إلى المنصب– ليعكس تلك القرارات مجددًا، ما يُبرز هشاشة السياسات غير المرتبطة بالقوانين التشريعية. ولفت الحجي إلى أن هذه الديناميكية تجعل الإستراتيجية أقل استقرارًا، لأن السياسات التي لا تعتمد على تشريعات من الكونغرس لا يمكن اعتبارها جزءًا من توجهات الدولة العميقة التي يُفترض أن تمثل الإجماع السياسي الأميركي العام. الرئيس الأميركي السابق جو بايدن - الصورة من براتينيكا وشرح أنس الحجي أن الدولة العميقة في الولايات المتحدة تشمل المؤسسات والمصالح الكبرى التي تتوافق عليها الأحزاب والجماعات المؤثرة، بغض النظر عن هوية الرئيس، وهي التي تحدد في النهاية ما يمكن أن يستمر لعقود. وشدّد مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة على أن التفرقة بين رؤية ترمب الشخصية ورؤية الدولة العميقة أمر أساسي في تحليل أي سياسة أميركية، خاصة في القضايا المتعلقة بالطاقة والعلاقات الدولية والتجارة والأسواق العالمية. وتابع: "تجاهل هذا الفارق أدى إلى سوء فهم واسع داخل الإعلام العربي، الذي قدّم إستراتيجية الأمن القومي على أنها تحول جذري، رغم أنها في الواقع مزيج من أفكار متناقضة، بعضها غير قابل للتطبيق وبعضها مستمر منذ عقود". واختتم الحجي تصريحاته بالقول إن تقييم الإستراتيجية يجب أن ينطلق من سؤال محوري: ما الذي سيبقى بعد انتهاء إدارة ترمب؟ لأن السياسات المؤقتة لا تصنع توجهًا عالميًا ولا تغير توازنات الطاقة أو الجغرافيا السياسية على المدى الطويل. موضوعات متعلقة.. أنس الحجي: رسوم ترمب الجمركية تفتقر للوضوح.. والرئيس نفسه مصدر الفوضى الطاقة والذكاء الاصطناعي سلاحا ترمب لفرض كلمة أميركا في العالم (تقرير) أنس الحجي: إنتاج النفط الأميركي يشهد مبالغات.. وهذه حقيقة خوف "لوك أويل" من ترمب اقرأ أيضًا.. أوبك+ و9 أعوام على إعلان التعاون.. شراكة صلبة تضبط أسواق النفط مصافي النفط في ليبيا.. قدرات كبيرة وإنتاج محدود توتال إنرجي تعزز عملياتها في ناميبيا بصفقة جديدة المصدر.. حلقة أنسيات الطاقة على مساحات منصة "إكس"