العصرونية تعيد الحياة إلى حولا.. مهرجان صمود على الحدود الجنوبية

على مسافة لا تتجاوز بضع عشرات الأمتار عن المواقع الإسرائيلية المستحدثة في بلدة حولا بقضاء مرجعيون جنوبي لبنان، توافد أهالي البلدة في أمسية شعبية صدحت خلالها الأناشيد والأغاني الوطنية، في رسالة واضحة تؤكد أن إرادة الحياة والصمود أقوى من محاولات الاحتلال.رجالا ونساء، كبارا وصغارا، لبّى أبناء حولا دعوة "مركز حولا للرعاية الاجتماعية"، فكان اللقاء مناسبة لالتئام شمل الأهالي، بين من عادوا من رحلة النزوح القسري ومن لا يزالون يقاسونها. وقد شكلت هذه الأمسية مساحة للحنين إلى جلسات الماضي التي اعتاد أهل البلدة إحياءها، خصوصا في أمسيات الصيف وقبيل اندلاع الحرب الإسرائيلية على لبنان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.حشد من أهالي بلدة حولا حضروا من داخل البلدة ومن خارجها للمشاركة في العصرونية (الجزيرة)حضور رغم النزوححُرمت فاطمة يعقوب، ابنة بلدة حولا الجنوبية، من العودة إلى منزلها بعد أن دمره الاحتلال كما حدث مع عشرات العائلات الأخرى. ومع ذلك، أصرت على المشاركة في "العصرونية" برفقة أفراد أسرتها، لتؤكد بحضورها أن التمسك بالحياة والبقاء في الأرض أقوى من كل محاولات الاحتلال، ولتجد فرصة للقاء الأصدقاء واستعادة دفء الجلسات التي كانت تجمعهم قبل اندلاع حرب 7 أكتوبر. تقول فاطمة للجزيرة نت إن الغياب عن البلدة كان قاسيا، وإن النزوح من مكان إلى آخر ترك في نفوسهم مرارة، مؤكدة أن الإنسان يبقى غريبا أينما ذهب، ولا يشعر بالأمان الحقيقي إلا في مسقط رأسه.اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حفيد مانديلا: محنة الفلسطينيين أسوأ من نظام الفصل العنصريlist 2 of 2من النوفرة إلى القشلة.. مقاهي دمشق تستعيد روحها مع موجات العودةend of listوتختم "بيتنا دُمر بالكامل، لكننا سنظل نعود ونشارك في كل نشاط يجمع أبناء البلدة، لأن هذه أرضنا ولن نتخلى عنها، وسنعمل معا لإعمارها من جديد".سيدات من بلدة حولا شاركن في العصرونية بصناعة خبز الصاج التقليدي (الجزيرة)من جهته، يستعيد ناظم محمود، وهو أيضا من أبناء حولا، مشاعره عند عودته بعد رحلة نزوح شاقة بين مناطق عدة. يقول إن الأيام الأولى كانت الأصعب، في ظل غياب مقومات الحياة الأساسية والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي أثارت القلق، لكنه يشير إلى أن الأوضاع بدأت تتحسّن تدريجيا مع عودة عدد متزايد من العائلات إلى بيوتهم. إعلان يؤكد ناظم محمود، وهو أحد أبناء بلدة حولا، أن "أهمية هذه العصرونية تكمن في جمع شمل الأهالي الذين فرّقتهم ظروف النزوح، حتى المقيمون في البلدة لم يعودوا يلتقون كثيرا بسبب الانشغالات والظروف الصعبة، لكن هذه اللقاءات تعيد الدفء والعلاقة الحميمة بينهم. حضور الناس اليوم ليس مجرد تجمّع عابر، بل رسالة صمود واعتزاز بالنفس، وإعلان أننا سنعود لنستعيد كل شبر من أرضنا مهما طال الزمن".من جانبه، عبّر محمد مزرعاني، الذي كان من أوائل الحاضرين، عن فرحته الغامرة بالمشاركة في هذا الجمع الشعبي، مشيرا إلى أن أهالي حولا لم يجتمعوا منذ وقت طويل بفعل الحرب وما فرضته من تشرذم وتشتيت. وأضاف أن هذه المناسبة تمثّل فرصة لإعادة لمّ الشمل والتواصل بين أبناء البلدة الذين أبعدتهم سنوات النزوح عن بعضهم وعن أرضهم.منبر مفتوح ضمن فعالية عصرونية حولا (الجزيرة)مساحة تراثية وترفيهية وثقافيةلم تكن "العصرونية" في بلدة حولا جنوبي لبنان مجرّد لقاء اجتماعي، بل تحوّلت إلى مساحة نابضة بالتراث الشعبي، حيث التفّت النساء حول فرن الصاج لإعداد الخبز الطازج وتحضير "المفروكة الجنوبية"، فيما استمتع الأطفال ببرنامج ترفيهي خُصص لهم. كما شهدت الفعالية منبرا حرا تبادل خلاله أبناء البلدة، على اختلاف أعمارهم، الأحاديث والذكريات.الناشط الاجتماعي في البلدة، زياد غنوي، أكد في حديثه للجزيرة نت أن هذا النشاط يأتي ضمن سلسلة مبادرات تهدف إلى ترميم النسيج الاجتماعي بعد عودة أكثر من 240 عائلة إلى حولا، موضحا أن "إعادة بناء البيوت وحدها لا تكفي، بل علينا إعادة بناء النفوس ورسم البسمة وإحياء النشاطات التي تعيد الثقة والأمل، خصوصا للأطفال وكبار السن".ويضيف غنوي أن التهديدات الإسرائيلية لا تثني الأهالي عن التمسك بحياتهم الطبيعية، قائلاً "ندرك أن أي منطقة في لبنان قد تتعرض لاعتداء في أي وقت، لكننا نرفض أن نعيش أسرى الخوف. رسالتنا رسالة حياة وصمود، ونؤكد أننا سنبقى هنا لنستعيد كل شبر من أرضنا، ولتعود الأفراح إلى بلدتنا بعد سنوات من المآسي والتهجير".للأطفال حصّة من النشاطات في عصرونية حولا (الجزيرة)جهود لإعادة الحياة لحولاأكد رئيس بلدية حولا علي ياسين في حديث إلى الجزيرة نت أن البلدة قدّمت تضحيات جسيمة وفقدت خيرة شبابها دفاعا عن الوطن، مشيرا إلى أن الاحتلال سعى خلال الحرب الأخيرة إلى تدميرها بشكل ممنهج، إلا أن إرادة الأهالي ما زالت أقوى من كل محاولات التدمير، وأن فعالية "العصرونية" هي خير برهان على ذلك. وقال "أي نشاط يجمع الناس على الفرح والمحبة يُعد مهما جدا في هذه الظروف الصعبة، ونؤكد للعدو أننا باقون وصامدون، ولن يستطيع أحد اقتلاعنا من أرضنا التي ارتوت بدمائنا".من جهته، شدد عضو المجلس البلدي في حولا علي نصر الله في حديثه للجزيرة نت على أن هذه الفعالية تحمل رسالة إلى العالم بأن أبناء الجنوب متمسكون بأرضهم ويعودون إليها رغم الدمار الذي لحق بالمنازل والمؤسسات والمدارس جراء الاعتداءات الإسرائيلية. وأضاف "المجلس البلدي يعمل في ظروف بالغة الصعوبة، لافتا إلى أن حولا، كسائر بلدات الشريط الحدودي، تعاني من دمار شبه كامل في المنازل والمرافق العامة والمؤسسات البلدية والمدارس". إعلان وتابع "لكننا نقوم بكل ما نستطيع، بالتعاون مع المعنيين والفعاليات رغم التهديدات والخطر والاغتيالات وتدمير المنازل، لنعيد الحياة إلى بلدتنا".
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً

الأمير هاري يتبرع لدعم أطفال غزة مبتوري الأطراف
منذ ثانية واحدة

Attention Required!
منذ 9 دقائق

Attention Required!
منذ 10 دقائق