المشروبات الخارقة وفوائدها هل تحقق فعلاً ما تدعيه؟.في السنوات الأخيرة، تزايد الحديث في مجال الصحة والعافية عن المساحيق الغذائية، والوجبات السائلة، ومشروبات "المغذيات المتكاملة". تم تصميم هذه المنتجات، التي غالبًا ما تُعرض كطريق مختصر لتعزيز الطاقة، وتحسين الهضم، وتعزيز المناعة، وتسهيل التغذية، لإنشاء سوق مزدَهر مبنيّ على وعود كبيرة، ومع زيادة الاهتمام، يزداد الجدل حول المشروبات الخارقة وفوائدها، خاصةً عندما تفوق الادعاءات التسويقية الأدلة العلمية.
بينما تهدف هذه المشروبات إلى تقديم تغذية مركّزة بطريقة مريحة، ما زالت هناك تساؤلات حول فعاليتها، وتكلفتها، وتأثيرها طويل المدى على الصحة، ويبدأ فهم ما تقدمه فعليًا بفهم ماهيتها.
ما هي المشروبات الخارقة وفوائدها المزعومة
تقع المشروبات الخارقة عادةً في فئتين: مساحيق تُخلط مع السائل، أو عبوات جاهزة للشرب تهدف إلى تقديم مزيج متوازن من الفيتامينات، والمعادن، ومضادات الأكسدة، والبروبيوتيك، والمغذيات الكبرى. يتم تسويق هذه المشروبات على أنها حلول شاملة، كوجبة كاملة ومكمل غذائي أخضر وفيتامينات متعددة في عبوة واحدة، وهذا يضع المشروبات الخارقة وفوائدها ضمن ترندات التركيز على التحسين الذاتي، والراحة، وتعزيز الأداء.
تستند شعبية المشروبات الخارقة إلى ضغوط نمط الحياة، والإعلانات المكثفة، والاعتقاد المتزايد بأن الأنظمة الغذائية الحديثة غير كافية، وبالنسبة للأشخاص المثقلين بجدول مزدحم في حياتهم اليومية أو الباحثين عن حلول سريعة، تبدو هذه المشروبات وكأنها توفر شيئًا من السيطرة والتنظيم وتحسين الصحة في جرعة واحدة، ولكن السهولة وحدها لا تحدد الفعالية.
جاذبية هذه الظاهرة
يرتبط ارتفاع شعبية المشروبات الخارقة بتحولات ثقافية كبيرة، فالانشغال المستمر، والمخاوف الصحية المتزايدة بعد جائحة كورونا، والهوس بتحسين الذات، خلقَت جمهورًا متقبلًا لهذه المنتجات، بل وحتى بالنسبة للبعض، فإن الطعم، الذي غالبًا ما يكون مرًا أو ترابيًا، أصبح جزءًا من هوية "الشيء الصحي"، ويعزز فكرة أن العافية تتطلب بعض التضحيات.
تضيف العلامات التجارية أيضاً طبقة إضافية لجذب الناس، وهي التغليف الأنيق، والرسائل الطموحة، والارتباط بالمجتمعات الرياضية أو الصحية. يرى بعض المستهلِكين أن السعر المرتفع لهذه المنتجات هو رمز للالتزام بالصحة الشخصية، رغم أن هذه المنتجات ليست بأسعار مناسبة للغالبية، ومع ذلك، من الضروري معرفة ما تحتويه هذه المشروبات فعلًا، وما لا تحتويه.
داخل العبوة: نظرة أقرب على المكونات
تحتوي العديد من المشروبات الخارقة على قوائم طويلة من المكونات، أحيانًا تصل إلى أكثر من 70 مكونًا قد تشمل الفيتامينات، والمعادن، ومستخلصات الأعشاب، والبروبيوتيك، والإنزيمات الهضمية، ومضادات الأكسدة، فتبدو المشروبات الخارقة وفوائدها للوهلة الأولى مثيرة للإعجاب، ولكن التعقيد نفسه يطرح تحديات.
المشكلة الكبيرة هنا هي استخدام مصطلح "خلطة مسجلة أو مملوكة" على الملصق الغذائي للمنتَج الذي يمكّن المصنّعين من ذِكر المكونات فقط دون توضيح كمية كل منها، وهذا يجعل من الصعب معرفة ما إذا كانت المغذيات موجودة بكميات فعالة أو آمنة، فقد تكون بعض المكونات التي تبدو مفيدة موجودة بكميات قليلة جدًا لا تحقق أي فائدة، في حين أن البعض الآخر قد يكون بكميات عالية جداً قد تتفاعل مع الأدوية أو تسبب اضطرابات هضمية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يقلل تحويل المكونات إلى مساحيق أو سوائل من قابلية امتصاص بعض العناصر الغذائية، كما أن عدم المضغ يقلل من إفراز الإنزيمات الهاضمة في بداية الوجبة، وهذا يعني أنه حتى إذا بدا أن المشروب يحتوي على كل ما يحتاجه الجسم، فقد يكون امتصاصه محدودًا.
هل تحل المشروبات الخارقة محل الطعام الحقيقي؟
على الرغم من ادعاءات التغذية الكاملة، لا تستطيع المشروبات الخارقة تحقيق كل فوائد الأطعمة الكاملة، فعندما تُعالَج المكونات وتحوَّل إلى مساحيق، قد ينخفض محتوى الألياف بشكل كبير، مما يؤثّر على الهضم والشبع، كما قد تحتوي العديد من المشروبات على سكريات مضافة للحد من مرارة الطعم.
يمكن أن تكون المشروبات الخارقة هذه مفيدة مؤقتًا في الحالات التي يعاني فيها الشخص من صعوبة في المضغ أو بلع الطعام أو انخفاض الشهية أثناء التعافي من مرض ما مثلًا، ويفضل بالتشاور مع الطبيب.
غالبًا ما تحتوي المشروبات التي يُقال إنها بدائل للوجبات على سعرات حرارية أقل من حاجة الجسم، وخاصة بالنسبة للأشخاص النشيطين، وحتى المشروبات المخصصة للترطيب قد تفتقر إلى المعادن الموصى بها. وبالجانب المقابل، فإن تناول هذه المشروبات مع الاستمرار بتناول الوجبات بشكل طبيعي يمكن أن يؤدي إلى زيادة في مقدار السعرات الحرارية وبالتالي التعرض للمخاطر المرتبطة بالوزن الزائد.
بالنسبة لمعظم الأشخاص الذين يمكنهم تناول وجبات منتظمة، تظل الأطعمة الكاملة من الفواكه والخضروات والبروتينات والحبوب هي الطريقة الأكثر فعالية والأقل تكلفة لتلبية الاحتياجات الغذائية، وفي بعض الحالات قد تكون المشروبات الخارقة وفوائدها داعمة فقط، وليست ضرورية.
وجهة نظر متوازنة
لا يعني ما ذكرناه عن المشروبات الخارقة وفوائدها المزعومة، فقد تكون ملائمة لبعض الحالات الطارئة، مثل السفر أو الانشغال الشديد في صباح أحد الأيام، فهي قد تساعد أحيانًا في سدّ الفجوات الغذائية العرَضية، ولكن فكرة أنها حلول شاملة أو بدائل تتفوق على الطعام فذلك غير صحيح ومضلل.
الأسعار المرتفعة، والمبالغة في الادعاءات، وقلة الأبحاث، وعدم وضوح المكونات كلها علامات على أن ما تدعيه هذه المشروبات غير صحيح تمامًا، إما بالتضليل المتعمَّد أو بسبب عدم توفر الأبحاث العلمية عنها، فلا يمكن تلبية الاحتياجات الغذائية الشخصية من خلال تركيبة واحدة تناسب الجميع، مهما كانت قائمة المكونات طويلة.
الطريقة الأبسط والأكثر استنادًا إلى الأدلة العلمية هي اتباع نظام غذائي متوازن غني بالأطعمة الكاملة، ومُدعم بمكملات الفيتامينات إذا لزم الأمر، وهذا يوفر فوائد أفضل من المشروبات الخارقة وبتكلفة أقل بكثير، دون الانسياق وراء الضجة التسويقية.
الأسئلة الشائعة
هل من الآمن استهلاك المشروبات الخارقة يوميًا؟
قد يكون الاستخدام اليومي آمنًا لبعض الأشخاص، لكنه يعتمد بشكل كبير على الحالة الصحية، والأدوية، والاحتياجات الغذائية. تحتوي العديد من المشروبات على قوائم مكونات طويلة وكميات غير معلَنة، مما قد يؤدي إلى تناول زائد أو تفاعلات غير مرغوبة، لذا يُنصح باستشارة أخصائي تغذية قبل الاستخدام الطويل الأمد.
هل توفر المشروبات الخارقة تغذية أفضل من الطعام العادي؟
لا تستطيع المشروبات الخارقة مواكَبة التعقيد الغذائي للأطعمة الكاملة. حتى وإن كانت مدعومة بالفيتامينات والمعادن، فهي تفتقر إلى الألياف، وتفاعلات العناصر الغذائية المتنوعة الموجودة طبيعيًا في الفواكه والخضروات والحبوب والبروتينات. يمكن أن تكون مكملاً للنظام الغذائي عند الحاجة، ولكنها لا تحل محل الوجبات المتوازنة أبدًا.
نصيحة من موقع صحتك
بغض النظر عما تدّعيه هذه المنتجات، فإن النظرة الواقعية أهم من الادعاءات التسويقية، ولهذا يُنصح باختيار الأطعمة الكاملة كلما أمكن، فهي الطريقة الأكثر موثوقية لدعم الصحة على المدى الطويل. إذا كان هناك حاجة لتعزيز العناصر، فإن خيارات بسيطة مثل العصائر المنزلية، أو الوجبات الخفيفة المتوازنة، أو مكملات فيتامينات عالية الجودة غالبًا ما توفر بدائل أكثر فعالية وأقل تكلفة من المشروبات الخارقة. يمنح التركيز على التنوع، والتوازن، والاستمرارية في التغذية فوائد صحية طويلة الأمد تتجاوز أي مشروب خارق.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً

أضرار القلقاس الطبية وفق دراسات حديثة
منذ ساعة واحدة
أسباب الدوخة أثناء الصلاة بين العوامل الجسدية والنفسية
منذ ساعة واحدة

هل يختفي مرض جروفر من تلقاء نفسه وما أسبابه وأعراضه؟
منذ ساعة واحدة


