نفي بغداد لتصنيف "الحوثي" و"حزب الله" كيانات إرهابية.. جعجعة في طحين

أمس، شهد العراق حالة من الجدل والصدمة عقب نشر جريدة “الوقائع” الرسمية قراراً صادراً عن لجنة “تجميد أموال الإرهابيين”، يتضمن تجميد أصول وكيانات، شملت اسمي “حزب الله” اللبناني و”الحوثي”، وتصنيفهما كتنظيمات إرهابية.
الصدمة التي حصلت جاءت لسبب بارز، هو أن حكومة محمد شياع السوداني محسوبة على إيران وقوى “الإطار التنسيقي” التي تضم أحزابا وفصائل مسلحة موالية لطهران، لذلك أثار هذا القرار، غضب جمهور “الإطار” والفصائل، بل وحتى أحزاب وقيادات “الإطار” نفسها، ليأتي على إثر ذلك قرار النفي والتراجع من قبل بغداد، لكن هذا الأمر ليس نهاية المطاف.
أسباب التراجع والنفي.. وهل من قيمة لذلك؟
عقب الغضب لجماعات إيران من سياسيين وأحزاب وجمهور، سارعت الحكومة العراقية والجهات المعنية إلى إصدار بيانات نفي وتوضيح، مؤكدة أن ما حدث كان “سهواً وخطأ في النشر”، وأن القائمة التي تضمنت هذين الكيانين كانت “غير منقحة”، فيما أصدر مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، بياناً وجه فيه بـإجراء تحقيق عاجل وتحديد المسؤولية ومحاسبة المقصرين عن هذا “الخطأ”.
من جهتها أصدرت “لجنة تجميد الأموال” في البنك المركزي العراقي توضيحاً أكدت فيه، أن القائمة التي نُشرت لم تكن “منقحة”، وأن موافقة الجانب العراقي كانت مقتصرة على إدراج الكيانات والأفراد المرتبطين بتنظيمي “داعش” والقاعدة” حصراً، بناء على طلب من دولة ماليزيا، وأشارت إلى أن ما نُشر سيتم تصحيحه برفع أسماء “حزب الله” و”الحوثي” من قائمة تجميد الأموال والإرهاب.
ورغم أن البنك المركزي العراقي، من خلال لجنته المختصة، طلب من جريدة “الوقائع” حذف الاسمين وتصحيح القرار، إلا أن هذا التراجع اصطدم بجدل قانوني؛ حيث أن ما نُشر في الجريدة الرسمية يكتسب قوة القانون ولا يمكن إلغاؤه بنفي إعلامي، وهو ما يعني أن النفي كان غالباً مجرد “تهدئة إعلامية” لامتصاص غضب قوى “الإطار” وجمهوره.
الحقيقة القانونية: النشر يعني الإلزام
يؤكد قانونيون، أن النفي الذي صدر، هو مجرد جعجعة في طحين والقرار باقٍ لعدة أسباب تتعلق بطبيعة النشر في الجريدة الرسمية، إذ ما يُنشر في “الوقائع” العراقية يعد نهائي، ولا يتم حذفه أو تعديله بشكل مباشر، ولكن يمكن تعديله أو إلغاؤه بقانون جديد يصدر بنفس الآلية.
الطريقة الوحيدة لتغيير أو إلغاء ما تم نشره، هي إصدار قانون جديد يلغي القانون القديم أو يعدله، أو إصدار قرار جديد من نفس الجهة التي أصدرت قرار التجميد والتصنيف لـ “الحوثي” و”حزب الله” على أنهما “كيانين إرهابيَّين”.
موالون لـ “حزب الله” يحتجون على قرار الحكومة العراقية في البصرة – (Getty)
عملياً، فإن أي قانون لا يمكن إصداره إلا بتشريع من مجلس النواب، وهذا المجلس لم يتشكل بعد، إذ أجريت مؤخرا انتخابات برلمانية، وأعلن عن نتائجها، لكن انعقاد المجلس لم يتم بعد، حيث يجب تصديق المحكمة الاتحادية على النتائج بشكل نهائي ورسمي، لذا فإن البرلمان الجديد لن يتشكل إلا بعد نحو شهر أو أقل على أقل تقدير.
أما فيما يخص تعديل القرار بنفس الآلية من ذات الجهة التي أصدرته، فهذا الأمر أيضاً يصطدم بعائق آخر، وهو أن الحكومة العراقية الحالية، هي حكومة منتهية الولاية، أي أنها حكومة لتصريف الأعمال اليومية حصراً لحين اختيار الحكومة الجديدة بعد انعقاد البرلمان، ولا يحق لها إصدار أي قرارات بشكل مطلق، وبالتالي فإن أي قرار بهذا الشأن سيتم ترحيله إلى الحكومة المقبلة.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
بغداد وتصنيف “الحوثي” و”حزب الله”.. ضغط دولي أم خطأ مطبعي؟
في هذا السياق، أكد أحد مستشاري الحكومة العراقية لصحيفة “العربي الجديد”، أن “وضع التنظيمين على قائمة الإرهاب هو التزام رسمي من العراق لا يمكن لحكومته تفاديه بالنظر للضغط الحالي”، وأضاف أن القرار هو “خطوة سياسية شكلية أكثر من كونها خطوة ذات تبعات سياسية واقعية”.
وسبب هذه الخطوة بحسب مستشار حكومة السوداني، يعود لاعتماد العراق على التصنيفات الصادرة من الخزانة الأميركية للمنظمات، واعتماد البنك المركزي على حوالات الدولار من الخزانة، بمعنى أن الحكومة العراقية لم تصدر القائمة “سهواً أو خطأ مطبعياً” حسب ما ادعى مكتب رئيس الوزراء.
كما أوردت “العربي الجديد” تصريحات للقيادي في “الإطار التنسيقي”، عدي الخدران، قال فيها، إن وضع “الحوثي” و”حزب الله” على قائمة الإرهاب، أتى نتيجة للضغط والتهديدات الأميركية، وهي خطوة تمهد لوضع مجاميع عراقية على قائمة الإرهاب، مستبعداً أن يكون ما حصل “حادث عرضي أو خطأ مطبعي”.
لجنة “فك الارتباط بين العراق وإيران” والضغوط الأميركية
في الأثناء، تحدث الخبير الأمني أحمد الشريفي، عن أبعاد أخرى للقرار، مشيراً إلى أن ما حدث ليس مجرد خطأ مطبعي عابر، بل هو نتيجة عمل مؤسسي تحت ضغط دولي، حيث كشف عن وجود لجنة حكومية خاصة تعمل منذ مطلع عام 2025 تحت مسمى “لجنة فك الارتباط بين العراق وإيران”، مبيناً أن تشكيلها جاء بضغوط أميركية وأنها تولت متابعة ملفات حساسة، أبرزها مكافحة غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب.
وأردف الشريفي في تصريح لموقع “إءاعة المربد”، أن اللجنة ركزت خلال اجتماعاتها على ثلاثة محاور رئيسية، تتعلق بطبيعة علاقات العراق مع “الحرس الثوري” الإيراني و”حزب الله” وجماعة “الحوثيين”، لافتاً إلى أن هذه الملفات كانت تحت مراقبة مباشرة من واشنطن بهدف الحد من النفوذ الإقليمي المرتبط بتلك الجهات.
الشريفي أوضح، أن اللجنة رفعت توصياتها النهائية إلى مجلس الوزراء الذي صوت عليها بالإجماع قبل إحالتها إلى الصيغة القانونية المطلوبة تمهيداً لنشرها في جريدة “الوقائع” الرسمية، وهو ما يعد بحسب الشريفي إقراراً نهائياً ودخولاً حيز التنفيذ.
وحول اعتراض البنك المركزي، أكد الشريفي، أن الاعتراض من الناحية القانونية لا يلغي التزام البنك المركزي بتنفيذ القرار، حيث أن القرار بمجرد نشره في “الوقائع” ووصوله إلى البنك المركزي، يكتسب قوة القانون ولا يمكن الامتناع عن تطبيقه إلا بقانون آخر ينقضه.
وبالتالي، فإن النتيجة القانونية المباشرة تتمثل في أن البنك المركزي سيكون ملزماً بتقييد الأموال أو الأصول المالية العائدة لـ “الحوثيين” و”حزب الله” داخل العراق، باعتبار أن القرار تحول إلى صيغة قانونية واجبة التنفيذ، ولا يملك البنك المركزي مخالفتها.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً

خصوم النصر المحتملين في دور الـ 16
منذ ثانية واحدة




