برشلونة في عين العاصفة.. تطورات ساخنة في قضية "نيغريرا"

في الأشهر الأخيرة دخلت القضية مرحلة أكثر حساسية بعد الكشف عن شهادات مسؤولين سابقين في إدارة برشلونة

لا تزال قضية "نيغريرا" تفرض نفسها كواحدة من أكثر الملفات إثارة للجدل في تاريخ كرة القدم الإسبانية، وسط تحقيقات قضائية مفتوحة، وتباين في الروايات، وتداعيات رياضية وقانونية مستمرة تطال نادي برشلونة أحد أكبر أندية العالم.

وتعود القضية إلى تعاقد برشلونة خلال الفترة من عام 2000 إلى 2018 مع خوسيه ماريا إنريكيز نيغريرا، نائب رئيس اللجنة الفنية للحكّام سابقاً في الدوري الإسباني مقابل مبالغ مالية تصل إلى 8 ملايين لتقديم ما وُصف بـ "استشارات تحكيمية" وهي المدفوعات التي أثارت شكوكاً واسعة بشأن شبهة التأثير على منظومة التحكيم في إسبانيا.

وبين دفاع برشلونة عن شرعية ممارساته، وتشكيك خصومه في نزاهة تلك العلاقة، تظل القضية واحدة من أكثر القضايا تعقيداً وحساسية في المشهد الرياضي الإسباني الحديث، مع تداعيات قد تتجاوز حدود الملاعب إلى عمق إدارة اللعبة نفسها.

تطورات التحقيق القضائي

في الأشهر الأخيرة، دخلت القضية مرحلة أكثر حساسية بعد الكشف عن شهادات مسؤولين سابقين في إدارة برشلونة، كان أبرزها شهادة الرئيس الأسبق للنادي ساندرو روسيل، التي أُخذت في سبتمبر الماضي، وكشفت تفاصيلها الصحافة الإسبانية يوم 22 ديسمبر الجاري.

ومثل روسيل أمام قاضي التحقيق بصفته مشتبهاً به، حيث دافع عن قانونية التعاقد مع نيغريرا، نافياً بشكل قاطع أي محاولة للتأثير على قرارات الحكّام، أو التدخل في عمل اللجنة الفنية.

وخلال إفادته، أوضح روسيل أن علاقته بنيغريرا تعود إلى عام 2003، حين كان يشغل منصب نائب رئيس النادي، مشيراً إلى أن الأخير كان يقدم داخل برشلونة كشخص مختص بتقديم تقارير وتحليلات تحكيمية منذ سنوات.

وأكد الرئيس الأسبق أنه لم يكن على اطلاع مباشر بمحتوى التقارير التفصيلية، معتبراً أن ذلك أمر طبيعي في نادٍ بحجم برشلونة، حيث تدار عشرات العقود الاستشارية في مجالات فنية وإدارية متعددة.

شهادة روسيل💣💣💣🗣️كنا نفوز في اسبانيا بتاثير لاعبينا، نقطة .🗣️ ميسي كان يراوغ 4/5 لاعبين ويسجل اين هو السيد نيغريرا؟🗣️التشكيك في غوارديولا وفريقه امر مهينpic.twitter.com/iq4ADbxidT

— FCB World (@forcabarca_ar) December 22, 2025

وفيما يتعلق بالمدفوعات المالية، شدد روسيل على أنه لم يكن على علم بقيمتها خلال فترة رئاسته، وأنه اطلع عليها لاحقاً عبر وسائل الإعلام، معتبراً أن الأرقام المتداولة لا يمكن أن تشكل وسيلة ضغط أو تأثير على الحكام.

لكن تناقض إفادة روسيل بشكل مباشر الإفادة التي أدلى بها الرئيس الحالي للنادي خوان لابورتا يوم 16 ديسمبر الجاري، والتي نفى فيها لقاءه نيغريرا.

وشدد لابورتا على أن نادي برشلونة لم تكن لديه مطلقاً نية التلاعب بالمنافسة، معتبراً أن القضية تهدف إلى "تشويه إنجازات النادي"، لا سيما في الفترة الحالية التي عاد فيها الفريق لتحقيق الألقاب.

ويُنظر إلى هذا التضارب في الشهادات بوصفه عنصراً حساساً قد يؤثر على مسار التحقيق، خصوصاً مع استمرار القاضي في جمع الإفادات وتحليل الوثائق.

وبحسب الصحافة الإسبانية، تضم القضية نحو 630 تقريراً ومقاطع فيديو مرتبطة بما يعرف بالاستشارات التحكيمية، وهي وثائق ترى هيئة الدفاع أنها دليل على أن الخدمة كانت قائمة وتقدم بشكل فعلي، وليس غطاءً لأي نشاط غير قانوني.

في المقابل، يواصل الادعاء فحص طبيعة هذه التقارير، ومدى ارتباطها بموقع نيغريرا السابق داخل اللجنة الفنية للحكام، وما إذا كانت تشكّل تضارب مصالح أو إخلالًا بمبدأ النزاهة الرياضية.

وعلى الصعيد الرياضي، ما زالت القضية تلقي بظلالها على صورة برشلونة محلياً وأوروبياً، وسط مطالبات بمساءلة النادي، مقابل دعوات أخرى لانتظار نتائج القضاء قبل إصدار أي أحكام رياضية أو أخلاقية.

كما فتحت القضية نقاشاً واسعاً حول آليات الرقابة داخل الأندية الكبرى، وحدود العلاقة بين المؤسسات الرياضية والجهات التحكيمية، ودور الاتحادات المحلية والدولية في حماية نزاهة المنافسات.

وصعّدت قناة ريال مدريد من لهجتها تجاه خوان لابورتا، رئيس نادي برشلونة، رداً على هجومه الأخير الذي استهدف القناة والنادي الملكي متهماً إياها بتضليل الرأي العام، على خلفية تطورات قضية "نيغريرا"، في واحدة من أكثر المواجهات الإعلامية حدّة بين قطبي الكرة الإسبانية.

🚨 رامون الفاريز (صحفي) | من اللافت جدًا أن روسيل أكّد أن نيغريرا الأب هو من كان يُعدّ التقارير منذ البداية، في حين يؤكد لابورتا أن من قام بذلك هو نيغريرا الابن. تناقض واضح تمامًا. 👀🤷🏻 pic.twitter.com/YIgYVvIKe9

— شبكة RM4Arab (@RM4Arab) December 22, 2025

غير أن قناة ريال مدريد لم تتأخر في الرد، وذهبت أبعد من ذلك، متهمة رئيس برشلونة بالإدلاء بشهادة زور أمام القضاء في قضية نيغريرا، والكذب على المحكمة في أكثر من مناسبة.

كما سلّطت القناة الضوء على ما وصفته بثلاث تناقضات رئيسية في رواية لابورتا، موضحة أن التناقض الأول يتمثل في إنكاره معرفته بخوسيه ماريا إنريكيز نيغريرا، نائب رئيس لجنة الحكام السابق، رغم وجود صور موثقة تجمعهما.

أما التناقض الثاني، فبحسب القناة، يكمن في ادعاء لابورتا أن الجهاز الرياضي هو من كان يتلقى تقارير الاستشارات التحكيمية، في حين نفى المدربان السابقان لبرشلونة، لويس إنريكي وإرنستو فالفيردي، في شهادتيهما أمام القضاء، اطلاعهما على أي من تلك التقارير.

وأضافت القناة أن "التناقض الثالث يتعلق بظهور لابورتا إعلامياً إلى جانب صناديق قيل إنها تحتوي على التقارير التحكيمية، قبل أن يعود لاحقًا ويؤكد أن هذه التقارير كانت تدمر كل خمس سنوات!".

وفي ظل استمرار التحقيقات القضائية، تبقى قضية "نيغريرا" مفتوحة على عدة سيناريوهات محتملة، تتراوح بين تثبيت قانونية التعاقدات وإغلاق الملف، أو توجيه اتهامات رسمية قد تترتب عليها تبعات قانونية ورياضية بحق نادي برشلونة ومسؤوليه السابقين.

وبينما يواصل قاضي التحقيق فحص الشهادات والوثائق والتناقضات في الروايات، يترقب الشارع الرياضي ما إذا كانت القضية ستبقى ضمن الإطار القضائي المحلي، أم ستتوسع لتطال الجهات المنظمة لكرة القدم على المستوى الأوروبي والدولي.

يرى المحلل الرياضي عبد الله طعمة، أن "احتمالات إدانة برشلونة على الصعيد المحلي قليلة، إلا في حال خروج شهود إثبات حول التلاعب بالنتائج والتأثير على الحكام" وأضاف لـ"الخليج أونلاين":

- الشبهة الوحيدة على برشلونة هي أن نيغريرا كان على رأس عمله في الاتحاد الإسباني، عندما كان يتلقى أموالاً من النادي الكتالوني، ومن ثم جعل البارسا تحت مجهر التحقيقات، لكن حتى الآن لا يوجد أي أدلة قطعية.

- في حال تمت إدانة برشلونة فإنه يعاقَب أوروبياً بعدم المشاركة لـ3 سنوات.

- على الصعيد المحلي فإن العقوبات ستكون قاسية، وسيكون في وضع صعب للغاية لنحو 5 إلى 7 سنوات قادمة.