د. لويس حبيقة *انفتاح الاقتصادات كما اتساع الأسواق يفيدان النمو الاقتصادي المحلي والدولي ويعطيان أيضاً فرصاً كبيرة للمجرمين الماليين المنظمين للاستفادة. فالأسواق الاقتصادية غير الرسمية تزدهر في زمن الانفتاح بالرغم من المحاولات الرسمية الجادة للقضاء عليها وبالرغم من اشتداد الرقابة وتطور تكنولوجيا المعلومات. أهم نتائج المنافسة المتزايدة ازدياد الإجهاد والقلق وتأثيرهما السلبي في المواطن. من أوجه الشذوذ الأخرى تواجد الأسواق الاقتصادية غير الرسمية شرعية وغير شرعية خاصة في المناطق الريفية التي لم تترسخ فيها بعد سلطة الدولة كلياً.هنالك الأسواق غير الرسمية الشرعية وتتكون من المبادلات النقدية والسلعية التي تحصل مباشرة بين المواطنين أو عبر وسطاء متخصصين دون أن تسجل. من الممكن تدريجياً إدخال هذه الأسواق في الاقتصاد الرسمي المنظم عبر تسهيل عمليات التبادل وتخفيف مخاطرها. من الممكن تخفيض الفوائد في تلك الأسواق عبر زيادة الأموال المتوافرة للإقراض. تتكون الأسواق غير الرسمية أيضاً من الجانب غير الشرعي حيث تتبادل عبرها السلع الممنوعة والمسروقة، بما فيها المخدرات والأموال، وهي أسواق مزدهرة عالمياً بالرغم من المكافحة الجدية لها.مع انفتاح الاقتصادات وتوسعها تزدهر عمليات التزييف والنسخ أي سرقة السلع والأفكار وتسويقها. يقدر بأن حجم سوق السلع المزيفة في الأسواق التجارية العالمية يفوق ال 100 مليار دولار سنوياً. يمتد التزييف ليس فقط إلى سلع الكماليات والأسطوانات والإلكترونيات والألبسة وألعاب الأطفال والكتب، بل يتعداها إلى الأدوية وقطع غيار السيارات وغيرها. ما يدعو إلى الدهشة هو أن تقنيات التزييف أصبحت متقدمة جداً لدرجة يصعب معها ظاهرياً التمييز بين الأصل والمزور.خسائر التزييف كبيرة ليس فقط على المنتج، إنما على المواطن الضحية. تقدر هذه الخسائر بحوالي 100 ألف وظيفة في أوروبا. 70% من الإنتاج العالمي المزيف يأتي من جنوب شرق آسيا. تنبه المجتمع الدولي لهذه الظاهرة المتزايدة ووضع اتفاقية حماية الملكية الفردية والصناعية ضمن الجولة الثامنة من اتفاقية «الغات» أو ما يعرف بجولة الأوروغواي. أعطت الاتفاقية لمنظمة التجارة الدولية صلاحيات كبيرة لجهة فض الخلافات بين أصحاب الحقوق والمغتصبين لها. يمكن للمنظمة أن تقرر عقوبات ملزمة.ترتبط عمليات التزييف إجمالاً بمجموعات الإجرام المنظم الدولية التي تنطلق من إمكانات مادية كبيرة تساهم في تطوير وسائل عملها وتوسيعها وتنويعها لتشمل إعطاء القروض، ابتزاز الأموال، تجارة المخدرات والأسلحة والبشر، سرقة السيارات، تزوير العملات وغيرها. تحاول هذه المجموعات تبييض أموالها كي تصرفها في مجتمعاتها.فعلت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي أجهزتها الأمنية المتخصصة في الجرائم المالية. لا بد من توعية المستهلك بمخاطر تشجيع التجارة السوداء والبحث عن نوعية السلع خاصة تلك المؤثرة في صحته وسلامته. من المتوقع أن تلتزم كل الدول الناشئة والنامية تدريجياً بالاتفاقية الدولية لحماية الملكية الفكرية، وهذا سيشجع المتمولين الدوليين على الاستثمار فيها حيث تتواجد ثروات كبيرة بشرية ومادية تحتاج إلى استيراد التقنيات الغربية المتطورة لإعطاء أفضل ما عندها.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه






