مبعوث ترامب بعد بيانات الفصائل العراقية: نزع السلاح يجب أن يكون شاملاً

بعد بيانات الفصائل المسلحة العراقية، بإعلانها أنها ستتجه لحصر السلاح بيد الدولة والانتقال للعمل السياسي، جاءت أول رسالة من واشنطن وتحديدا من قبل المبعوث الأميركي الخاص إلى العراق، مارك سافايا.
ورحب مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بخطوة الفصائل المسلحة، لكنه شدد على ضرورة اتخاذ خطوات فعلية ملموسة، ومثمّنا في الوقت نفسه موقف المرجعية الدينية العليا في النجف.
مبعوث ترامب ردا على الفصائل: مجرد النوايا لا تكفي
سافايا قال في بيان نشره عبر حسابه بمنصة “إكس”، إن الخطوات التي أعلنتها الفصائل المسلحة العراقية نحو نزع السلاح، تعد تطورا إيجابيا ومُرَحَّبا به، إذ تمثل استجابة فعلية للدعوات والمطالب الطويلة التي نادت بها المرجعية الدينية والقيادات الروحية الرشيدة.
وفي هذا الصدد، ثمن المبعوث الأميركي الخاص إلى العراق، ما وصفها “الحكمة العالية والقيادة الأخلاقية والتوجيهات المبدئية لهذه المرجعية”، مضيفا أنها “لا تزال تشكل بوصلة وطنية للبلاد”.
ومع ذلك، شدّد سافايا، على أن مجرد التصريح بالنوايا لا يكفي؛ مؤكدا: “يجب أن يكون نزع السلاح عملية شاملة وغير قابلة للتراجع، وتُنفذ ضمن إطار وطني واضح وملزم”.
وأردف مبعوث الإدارة الأميركية: “يجب أن تشمل هذه العملية، التفكيك الكامل لجميع الفصائل المسلحة، وضمان انتقال منظم وقانوني لأفرادها إلى الحياة المدنية”.
https://twitter.com/i/status/2002897016654078111
وقال سافايا في بيانه، إنه “استنادا إلى الدستور العراقي وسيادة القانون، فإنه لا يحق لأي حزب سياسي أو منظمة أو فرد، امتلاك أو إدارة تشكيلات مسلحة خارج سلطة الدولة، وهو مبدأ يجب أن يُطبق بشكل موحد في كافة أنحاء العراق دون استثناء”.
وأكد المبعوث الأميركي، إن السلطة الحصرية لحمل السلاح واستخدام القوة، يجب أن تنحصر فقط في المؤسسات الاتحادية المشروعة، المنوط بها تنظيم وقيادة القوات المسلحة لحماية الشعب العراقي والدفاع عن السيادة الوطنية.
وقال سافايا مختتما، إن العراق يقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم؛ فإما المضي قدما نحو مسار السيادة والاستقرار والازدهار والوحدة وسيادة القانون، أو البقاء رهينة لدوامة الانقسام والاضطراب الأمني، حيث تستغل الجماعات المسلحة غير القانونية موارد البلاد لمصالح شخصية وأجندات خارجية، مما يؤدي إلى تقويض سلطة الدولة بشكل أكبر.
الفصائل المؤيدة لحصر السلاح.. والرافضة!
في خطوة لافتة، أطلق قادة فصائل عراقية مسلحة مقربة من إيران خلال الأيام القليلة الماضية، دعوات صريحة لترسيخ سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة، وقوبلت هذه الدعوات بترحيب سياسي عام.
ومن أبرز الفصائل التي أبدت موافقة صريحة على التعاون لحصر السلاح والانتقال للعمل السياسي هي “عصائب أهل الحق”، حيث أعلن زعيمها قيس الخزعلي، بوضوح: “نحن نؤمن بحصر السلاح بيد الدولة”، مشيرا إلى أن الفصائل أصبحت الآن جزءاً قوياً من بنية الدولة والعملية السياسية.
وفي هذا الصدد، أعلنت “كتائب سيد الشهداء” بزعامة أبو آلاء الولائي، في تصريحات على لسان المتحدث باسمها كاظم الفرطوسي، انسجامها الكامل مع دعوات المطالبة بضرورة الانتقال من العمل العسكري إلى العمل السياسي الصرف، بعد “انتفاء الحاجة الوطنية للعمل المسلح”.
كان أول من أطلق دعوات حصر السلاح بيد الدولة، هو قائد “كتائب الإمام علي”، شبل الزيدي، حيث أكد في بيان، أن المرحلة المقبلة تتطلب: احترام المؤسسات القانونية والتشريعية والعمل وفق الدستور، وفرض سيادة الدولة على كل شبر من أرض الوطن، وضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وتعزيز بناء القدرات الدفاعية للقوات الأمنية.
ولم تمر بضع ساعات، حتى أصدر الأمين العام لحركة “أنصار الله الأوفياء”، حيدر الغراوي، بيانا جاء مقاربا لما قاله قائد “كتائب الإمام علي”، حيث شدّد على أن صناديق الاقتراع لم تكن مجرد إجراء إداري، بل “موقف شعبي واضح” أعاد رسم ملامح المرحلة.
ودعا الغراوي، إلى الانتقال لمنطق الدولة واعتبار التمثيل السياسي الواسع تفويضا لإدارتها وحماية مصالح المواطنين، مُطالبا بضرورة حصر السلاح بيد الدولة، متمثلة بالقائد العام للقوات المسلحة، والوزارات الأمنية (الدفاع والداخلية)، و”هيئة الحشد الشعبي”.
ورغم تلك الدعوات، إلا أن فصيلين حتى الآن رفضا الذهاب نحو حصر السلاح بيد الدولة. الفصيل الأول “كتائب حزب الله”، إذ أعلنت “الكتائب” رفضها الصريح لمناقشة نزع السلاح قبل انسحاب القوات الأميركية والأجنبية بالكامل من العراق، واعتبرت أن “المقاومة حق وسلاحها باق”، أما الفصيل الثاني فيتمثل بـ “حركة النجباء”، إذ اعتبرت أن مسببات حمل السلاح (الوجود الأجنبي) لا تزال قائمة.
رسائل طمأنة وانسجام مع مطالب واشنطن
دعوات حصر السلاح تأتي بعد المصادقة على نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، والتي أفرزت عن صعود كبير لأحزاب الفصائل المسلحة، وبالتالي يفسر مراقبون التوجه الجديد، بأن الأخيرة تفكر بالانتقال من “منطق المقاومة” كما تدّعي إلى “منطق الدولة”.
وبحسب ما يقوله مراقبون للمشهد العراقي من محللين وباحثين سياسيين، فإن هذه الدعوات الصادرة من قيادات الفصائل المسلحة، تحاول أن تحمل رسائل طمأنة للداخل والخارج، وهدفها التناغم مع مطالب واشنطن بحصر السلاح بيد الدولة والانخراط في العمل السياسي والابتعاد عن صراعات الحروب وفقا لإيعازات إيرانية.
ومنذ أكثر من شهرين، وتزامنا مع قرب موعد الانتخابات العراقية آنذاك، تمارس واشنطن ضغوطا كبيرة على الأحزاب السياسية التي تمتلك فصائل مسلحة، بتحذيرها من الانخراط في أي أعمال عسكرية قد تشهدها المنطقة، فضلا عن رسائل مباشرة وصريحة تتعلق بوضعها في الداخل العراقي.
وبدأت تلك الضغوط بالتصاعد منذ أن عين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مبعوثا خاصا إلى العراق، هو مارك سافايا، حيث صرح الأخير مرارا عبر بيانات وتغريدات له، بأنه يعمل على “إعادة العراق إلى حجمه الطبيعي وجعله عظيما مرة أخرى بعيدا عن أي سلاح خارج نطاق الدولة”.
ويحمل المبعوث الأميركي، رسائل مباشرة للقوى السياسية العراقية، وهي أنه يجب نزع سلاح الفصائل وحصره بيد الدولة، وأن لا تشارك الفصائل في الحكومة المقبلة بأي شكل من الأشكال، مع السماح لها بدخول العملية السياسية كيفما تريد لكن من بوابة البرلمان حصرا، أي أن يقتصر عمل الفصائل سياسيا في مجلس النواب، دون أي مشاركة في العمل التنفيذي الحكومي.
ولم تحسم قوى “الإطار التنسيقي” بعد، مسألة الشخصية التي ستكلفها برئاسة الحكومة العراقية المقبلة، لكن المعطيات تشير إلى أن قوى “الإطار” تبحث عن شخصية ليست فصائلية، وتكون متناغمة مع المطالب الأميركية وقريبة من الغرب، وأن يكون دبلوماسيا مع إيران، أي لا أن يكون معاديا لها ولا قريبا منها.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





