إلغاء "قيصر" يدخل حيّز التنفيذ: واشنطن تطوي صفحة "الضغط الأقصى" في سوريا

دخل إلغاء "قانون قيصر" الأميركي حيّز التنفيذ رسميًا، مع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على قانون موازنة وزارة الدفاع لعام 2026، متضمنًا بندًا ينهي العمل بأحد أكثر أنظمة العقوبات تشددًا المفروضة على سوريا خلال السنوات الماضية.
وأُقرّ "قانون قيصر" في ديسمبر/ كانون الأول 2019، وبدأ تطبيقه في يونيو/ حزيران 2020، بوصفه أداة لمعاقبة النظام السوري السابق. غير أن نتائجه العملية تجاوزت الإطار السياسي المُعلن، لتطال مجمل الاقتصاد السوري، وتنعكس مباشرة على حياة السوريين.
وفي وقتٍ أظهرت فيه بيانات أممية أن أكثر من 90% من السكان باتوا تحت خط الفقر خلال فترة سريانه، بدا واضحًا أن العقوبات لم تبقَ في حدود الضغط السياسي، بل تمددت إلى المجالين المعيشي والإنساني على نحوٍ واسع.
لم يكن الإلغاء خطوة مفاجئة، بل جاء ثمرة مسار سياسي ودبلوماسي طويل، تُوِّج بإعلان رئاسي في الثالث عشر من مايو/ أيار الماضي عن رفع العقوبات، قبل أن ينتقل الملف إلى الكونغرس.
تعوّل الحكومة السورية على أن يشكّل التحوّل في المقاربة الأميركية مع إلغاء قانون قيصر، مدخلًا لإعادة إدماج سوريا في محيطها الاقتصادي، وتحريك عجلة التعافي، وجذب رؤوس الأموال
ففي العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول، صوّت مجلس الشيوخ لصالح إدراج بند الإلغاء ضمن مشروع موازنة الدفاع، ثم أقرّه مجلس النواب في العاشر من ديسمبر، لينتهي المسار بتوقيع رئاسي جعل القرار نافذًا وملزمًا.
سياسيًا، يعكس هذا التطور تحولًا واضحًا في مقاربة واشنطن للملف السوري، ويؤشر إلى تراجع الرهان على سياسة "الضغط الأقصى" التي لم تُنتج تغييرًا سياسيًا بقدر ما عمّقت الانهيار الاقتصادي ووسّعت الفجوة الإنسانية.
ويقرأ مراقبون القرار بوصفه اعترافًا ضمنيًا بأن استمرار العقوبات بات عبئًا سياسيًا وأخلاقيًا، ويقوّض فرص الاستقرار في سوريا والمنطقة.
اقتصاديًا، يشكّل إلغاء "قيصر" كسرًا للحصار القانوني الذي كبّل قطاعات حيوية، ولا سيما الطاقة والمصارف والإعمار، ويفتح الباب أمام إعادة تفعيل القنوات المالية، وتسهيل التحويلات، وعودة الشركات والاستثمارات التي كانت محظورة بفعل المخاطر القانونية.
كما يُتوقع أن ينعكس القرار على توسيع هامش العمل الإنساني والتنموي، بعد سنوات من القيود المعقدة التي جعلت حتى المبادرات الإغاثية رهينة إجراءات طويلة وحساسة.
وتعوّل الحكومة السورية على أن يشكّل هذا التحول مدخلًا لإعادة إدماج سوريا في محيطها الاقتصادي، وتحريك عجلة التعافي، وجذب رؤوس الأموال، في مرحلة يُعاد فيها رسم العلاقة مع الاقتصاد الدولي على أساس المصالح والاستقرار، لا العزل والعقاب الجماعي.
رغم التحذيرات من انتظار نتائج فورية، يرى مراقبون أن إلغاء "قيصر" لا يمثّل مجرد خطوة إجرائية، بل نهاية مرحلة كاملة من إدارة الأزمة بالعقوبات، وبداية مسار سياسي واقتصادي مختلف، تُقاس نتائجه بقدرة الأطراف المعنية على ترجمة هذا التحول إلى وقائع ملموسة.
بهذا المعنى، تدخل سوريا مرحلة ما بعد "قيصر" محمّلة بتحديات ثقيلة، لكنها مفتوحة للمرة الأولى منذ سنوات على أفق اقتصادي وسياسي أوسع، بعد سقوط أحد أبرز جدران العزل المفروضة عليها.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه





