كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟ - BBC News عربي

كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟صدر الصورة، Getty ImagesAuthor, ماري-جوزيه القزيRole, بي بي سي نيوز عربي Reporting from, بيروتقبل 5 دقيقة قد يكون من أصعب ما يواجهه الأهل اليوم في تربية أطفالهم تأمين الحضور الذهني، والوقت، والمال.فوتيرة الحياة السريعة وتراكم المسؤوليات تضع كثيراً من الأهل في حالة إرهاق ذهني وجسدي، وتُولّد لديهم شعوراً بالذنب والتقصير تجاه أطفالهم، نتيجة محدودية الوقت أو الطاقة المتاحة لهم.ومع غياب الأهل عن المنزل، أو عودتهم إليه وهم في حالة إنهاك، يجد الأطفال أنفسهم، في كثير من الأحيان، أمام شاشات الأجهزة الذكية أو التلفاز، حتى خلال أيام الإجازة.وفي حين يستطيع بعض الأهل الخروج إلى الطبيعة، أو اصطحاب أطفالهم إلى أماكن مخصصة للعب، أو السماح لهم باللعب أمام المنزل مع أصدقائهم، تبقى هذه الخيارات غير متاحة للجميع. لذلك أعددنا قائمة بأنشطة متنوعة يمكن ممارستها مع الأطفال في مختلف البلدان، وعلى مدار السنة، وفي جميع أحوال الطقس، من دون أي عبء مالي إضافي.وفي هذا السياق، تحدثت بي بي سي عربي مع كريستال الحايك، مدربة ومستشارة مختصة بالأطفال الذين يعانون من اضطرابات في النمو العصبي، وتعتمد في عملها على المواقف الحياتية اليومية والألعاب البسيطة داخل المنزل لتنمية القدرات العقلية والعاطفية لدى الأطفال.الحضور الفكري أولاًصدر الصورة، Getty Imagesتخطى يستحق الانتباه وواصل القراءةتابعوا التغطية الشاملة من بي بي سي نيوز عربياضغط هنايستحق الانتباه نهايةتقول الحايك، في مقابلة مع بي بي سي عربي، إنه "قبل التفكير في أي نشاط نريد القيام به مع طفلنا، علينا أولاً أن نكون حاضرين ذهنياً معه في تلك اللحظة، وأن نتواصل معه بعمق".وتضيف: "يجب أن تكون طاقتنا مشبعة بالاهتمام والحب والفرح قبل أي شيء آخر، لأن ما يبقى في ذاكرة الطفل ليس النشاط بحد ذاته، بل ما شعر به خلال الوقت الذي أمضاه معكم". وتوضح قائلة: "ما يبقى هو شعوره بالأمان، وبالفرح، وبأنه محبوب. هذا ما سيتذكره لاحقاً".وتتابع: "هناك فارق كبير بين أن نجلس مع الطفل من دون امتلاك الطاقة لتحمّل أسئلته الكثيرة أو رغباته، وبين أن نكون حاضرين ذهنياً معه". وتضيف: "يمكن لأي طفل أن يستشعر هذا الفرق بسهولة تامة، حتى وإن لم يعرف لاحقاً كيف يعبّر بالكلمات عمّا شعر به".وتشير الحايك إلى أنه لا ينبغي توقّع "إمكانية إلغاء وجود الشاشات من حياة أطفالنا اليوم بشكل كامل"، لكنها تؤكد في الوقت نفسه "ضرورة وضع حدود واضحة لها، عبر اتخاذ الأهل قراراً واعياً ببذل جهد متعمّد لقضاء وقت يومي مع الطفل بعيداً عن الشاشات".وتنصح الحايك الأهل باستثمار أيام العطلة في الحضور والتواصل العميق مع الأطفال، وبناء علاقة متينة وإيجابية قائمة على الاهتمام، من خلال أنشطة فكرية أو فنية أو حركية-رياضية أو اجتماعية، سواء داخل المنزل أو خارجه.أعمال يدويةتشير الأخصائية إلى أن من أسهل الأنشطة التي يمكن تنفيذها داخل المنزل تلوين الرسوم مع الطفل، مثل طباعة صور لشخصيات يحبها وتلوينها معاً. وتضيف أنه يمكن أيضاً قص صور وأشكال من مجلات، إلى جانب قطع من القماش وربما نصوص قصيرة، ثم تجميعها ولصقها على سطح كرتوني واحد أو قطعة قماش كبيرة.وتقترح بناء "بيوت صغيرة، أو دمية، أو سيارة"، باستخدام مواد متوافرة في المنزل، مثل علب المحارم الفارغة، والأزرار، والأقمشة، أو الملابس القديمة، وغيرها من المواد التي يرغب الأهل في التخلص منها.وتلفت الحايك إلى أهمية تجنّب الإكثار من الملاحظات أو التصحيحات أثناء هذه الأنشطة، مؤكدة أن الهدف منها هو التسلية لا إنتاج عمل فني متقن. وتقول: "علينا أن نترك للطفل حرية التعبير والتجربة، حتى وإن بدت اختياراته غير منطقية أو غير جميلة بالنسبة لنا".وتتجدث الحايك عن أهمية مساعدة الأهل أطفالهم على فهم مشاعرهم والتعبير عنها بطريقة صحية. وتقدّم مثالاً آخر لنشاط يمكن استخدامه لهذا الغرض، قائلة: "يمكن أن نطلب من الطفل أن يرسم مشاعره ويُلوّنها، وأن نشاركه النشاط ونسأله: ما شكل هذا الشعور؟ وما لونه؟".وتوضح أن ذلك مهم، "لأن الطفل يتعلّم هنا التعبير عن مشاعره الخاصة، ويشاهد في الوقت نفسه كيف يعبّر شخص آخر عن مشاعره، حتى وإن كانت رؤيته لها مختلفة، بطريقة سليمة وصحية".خيال لا حدود لهصدر الصورة، Getty Imagesتستخدم الحايك في عملها مع الأطفال وذويهم الألعاب والتواصل اليومي، بهدف بناء قدرات الطفل وتطويرها من دون أن يشعر بأنه يبذل أي جهد.وتوضح أنه يمكن العمل مع الطفل على تأليف وكتابة قصة، أو حتى استخدام كلمة "كتاب" لوصف هذا النشاط، لما لذلك من أثر في تعزيز ثقته بقدراته، إذ "سيكون الطفل منبهراً عندما يسمع أنه قادر على تأليف كتاب"، بحسب الحايك.وتشير إلى أن خيال الأطفال في سن مبكرة يكون أوسع بكثير من خيال الكبار، الذي يتقلّص تدريجياً بفعل القيود المدرسية والاجتماعية والحياتية.وانطلاقاً من ذلك، يمكن توظيف هذا الخيال عبر "تركيب جملة أولاً أو رسم صورة، ثم كتابة فكرة أخرى، لينتهي الأمر بقصة مترابطة". وتقول: "قد تكون فكرة الطفل الأولى أنه يلعب على الغيوم، فنبدأ برسم غيمة، ثم نتابع بتسلسل الأفكار".وتؤكد مجدداً ضرورة عدم "تصحيح" أفكار الطفل، بل تركه يتخيّل ما يشاء، حتى وإن بدا غير منطقي.قراءة القصص تقول الحايك إنه عند قراءة قصة للطفل، يُفضَّل أن يكون النشاط تفاعلياً، إذ "يمكن التوقف أثناء القراءة للتأمل في الرسومات وسؤال الطفل عنها، وسؤاله عما يتوقع أن يحدث لاحقاً، وما الذي سيجري مع الشخصيات، إضافة إلى الاستفسار عن رأيه في تصرفاتها: هل ما فعله هذا الشخص، برأيك، جيد أم سيئ؟".وترى أن هذا الأسلوب ينشّط الجزء المسؤول في دماغ الطفل عن التقييم والحكم وتوقّع ما قد يحدث لاحقاً، استناداً إلى تصرفات سابقة.وتضيف أن ذلك يتيح للأهل التعرّف إلى طريقة تفكير طفلهم في مسائل أساسية، وكيفية تقديره للمخاطر وحكمه على الأشخاص.كما تشير إلى أن تغيير نبرة الصوت بين شخصية وأخرى أثناء قراءة القصة يمكن أن يكون مفيداً أيضاً في تعزيز الفهم.السماح للطفل بالاختيارتواصل الحايك حديثها عن قراءة القصص، وتشير إلى أنه يمكن للأهل والطفل تمثيل القصة بعد الانتهاء من قراءتها، على أن يختار الطفل شخصيته المفضلة ويعيد أداء دورها، فيما يختار أحد الوالدين شخصية أخرى. وتقول: "نمنح الطفل هنا فرصة التعرّف إلى فعل الاختيار وممارسته، وهو أمر لا يُتاح له كثيراً في سن مبكرة".ثم تنتقل إلى مثال آخر لنشاط تمثيلي يمكن تنفيذه، يتمثّل في تمثيل أدوار عامة بين الطفل وأهله، على أن تكون هذه الأدوار مرحة. كما تؤكد أهمية السماح للطفل باختيار أن يكون "شيئاً" إذا رغب في ذلك، كأن يتخيّل نفسه "طائرة" مثلاً، ويكون أحد الوالدين قائدها، أو أي دور آخر يختاره الطفل.وتوضح الحايك أنه يمكن استخدام هذه المشاهد التمثيلية أيضاً لابتكار مشكلة معينة أثناء تنفيذ المشهد، ثم التفكير مع الطفل في كيفية حلّها، ما يساهم في تنمية قدراته الذهنية على حل المشكلات. كما يعزّز ذلك ثقته بقدرته على التعامل مع أي مشكلة قد يواجهها.المطبخ يعلم الخطرصدر الصورة، Getty Imagesتشير الحايك إلى أن العمل في المطبخ مفيد على أكثر من مستوى.يمكن أن يتعلّم الطفل الطرق المختلفة لاستخدام اليدين، وكيفية التعامل مع الأدوات، حتى تلك التي قد تكون خطرة إلى حد ما، شرط الإشراف الدقيق، بما يساعده على فهم معنى الخطر وإدراك أنه موجود في أماكن متعددة ويتطلب الانتباه والحذر.وتوضح قائلة: "يمكن، بعد بلوغ الطفل عمراً معيناً، أن نسمح له باستخدام سكين مخصّص للأطفال أو أداة غير مؤذية إلى حد كبير، أو مقص، مع الامتناع تماماً عن السماح له باستخدام النار".وتضيف أنه من المهم أن "يشارك الطفل في التحضير وخلط المكونات، وشمّ روائحها، وتذوّقها، وتعبئة الطعام في علب التخزين".وتلفت الحايك إلى أن عملية تحضير الطعام وانتظار نضوجه على النار تساعد الطفل أيضاً على تعلّم الصبر.كما تشير إلى إمكانية إضافة خطوة أخرى إلى هذا النشاط لتعزيز قيم المشاركة والعطاء والإحساس بالمسؤولية الاجتماعية، وذلك عبر "تشجيع الطفل على توزيع ما حضّره على أطفال أو أفراد آخرين من العائلة أو خارجها".الرياضة والرقص لتفريغ الطاقةصدر الصورة، Getty Imagesنسمع كثيراً المثل القائل إن "العقل السليم في الجسم السليم"، وهو أمر من المفيد جداً تعليمه للأطفال في عمر مبكر. وتنصح الحايك الأهل بتشغيل الموسيقى وممارسة تمارين رياضية بسيطة مع أطفالهم، مثل تمارين التمدد أو اليوغا أو التوازن، بهدف المرح وتعزيز المرونة الجسدية.وتضيف: "يمكن تنظيم مسابقات بسيطة بين الأهل والطفل وإخوته، مثل معرفة من يستطيع الوقوف على قدم واحدة لأطول وقت ممكن، مرة على القدم اليمنى، ومرة على اليسرى، مع رفع اليدين، وهكذا".وتتابع: "يمكن أيضاً وضع فرشات على الأرض وترتيب أشياء أو ألعاب صغيرة فوقها، ثم القفز بينها".كما تقول الحايك إنه يمكن، "بكل بساطة، تشغيل الموسيقى والرقص عليها والتعبير بالحركة واليدين والجسم، ما يساعد الطفل على تفريغ طاقته بطريقة مفيدة".رحلة "استكشافية" في السيارةتقول الحايك إن كثيرين يقلّلون من أهمية الفوائد التي يمكن أن تحققها رحلة بسيطة في السيارة.وتضيف أن مجرد الاستماع إلى الموسيقى أو الحديث والمناقشة أثناء القيادة قد يكون نشاطاً مسلّياً ومفيداً في آن واحد.وترى الحايك أنه يمكن إضافة عناصر أخرى إلى الرحلة "لتصبح نشاطاً أكثر تكاملاً"، مثل الطلب من الطفل مراقبة محيطه ووصف ما يراه، أو تهجئة كلمات مثل "شجرة" أو "منزل" أو "غيمة"، أو البحث عن سيارة حمراء، أو ثلاثة أشياء مستطيلة، أو التباري لمعرفة من يرى كلباً أولاً. وتضيف: "يمكن أيضاً سؤال الطفل عن الأشخاص الذين يراهم على الطريق، وما الذي يعتقد أنهم متجهون لفعله".تظهر طريقة الحايك في التعامل مع الأطفال كيف يمكن للأهل تحويل محيطهم المباشر إلى مساحة للمرح والتعلّم، كما تساعدهم على ابتكار أنشطة أخرى، لم تُذكر بالضرورة بشكل مباشر، في أي مكان يتواجدون فيه وفي أي وقت من اليوم.وفي الختام، تنصح الحايك الأهل بإحاطة أنفسهم بأقارب أو أصدقاء لديهم أطفال ويواجهون تحديات مشابهة، لما لذلك من أهمية في تبادل الدعم والخبرات.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





