كتاب «10 Steps to Successful».. خارطة طريق لربط الإستراتيجية بالنتائج

يُعد كتاب “10 Steps to Successful Business Alignment” للمؤلفين باتريشيا بوليام فيليبس وجاك جاي فيليبس، مرجعًا جوهريًا يتناول مفهوم التوافق التجاري بوصفه أحد أهم مرتكزات الإدارة الحديثة تحت وطأة التحولات الاقتصادية المتسارعة.
وتبرز أهمية هذا العمل من كون المبادرات والبرامج المؤسسية لم يعد كافيًا إطلاقها دون ربط مباشر بالأهداف الإستراتيجية ومؤشرات الأداء الرئيسية. وبناءً على ذلك، يقدم المؤلفان رؤية عملية متكاملة ترتكز على مبادئ القياس الدقيق والنتائج الملموسة لضمان جدوى الاستثمارات داخل المؤسسات.
وتفصيلًا لمنهجية العمل، يمثل الكتاب دليلًا تطبيقيًا يساعد المنظمات على تحقيق التوافق المنشود منذ المراحل الأولى لتخطيط المشاريع وصولًا إلى التقييم النهائي للأثر والعائد على الاستثمار. ويعتمد المؤلفان بشكلٍ أساسي على نموذج (V-Model) الشهير، الذي يربط بذكاء بين تقييم الاحتياجات الأولية وقياس النتائج الختامية.
ومن هذا المنطلق، يبتعد الكتاب عن الطرح النظري المجرد ليضع إطارًا منهجيًا قابلًا للتنفيذ الفوري. مدعومًا بأمثلة واقعية وأدوات عملية تلامس واقع الإدارة. وتهدف هذه الأدوات إلى تمكين القادة التنفيذيين ومديري المشروعات من اتخاذ قرارات مبنية على البيانات والتحليلات الدقيقة، بعيدًا عن التخمين.
الخطوات الأولى لبناء التوافق التجاري
ينطلق كتاب “10 Steps to Successful” في خطواته الأولى من ضرورة فهم الإستراتيجية التجارية للمؤسسة؛ حيث يؤكد المؤلفان أن أي مشروع أو برنامج لا يستند إلى رؤية واضحة ورسالة محددة وأولويات إستراتيجية دقيقة، سيكون مآله الفشل أو ضعف التأثير. ولذلك، فإن الخطوة الأولى تتمثل في تحليل الأهداف العليا وربطها بسياق السوق والتحديات المحيطة، لضمان أن يكون التوافق التجاري حاضرًا منذ نقطة الانطلاق.
وانطلاقًا من هذا الفهم، تأتي الخطوة الثانية التي تركز على تحديد مقاييس النجاح أو مؤشرات الأداء الرئيسية. فبدون مقاييس واضحة وقابلة للقياس، لا يمكن تقييم ما إذا كانت المبادرات تحقق قيمة حقيقية. ويركز الكتاب على ربط هذه المؤشرات بالنتائج التجارية المباشرة مثل: الإيرادات، والإنتاجية، والجودة، وخفض التكاليف، بما يعزز من مصداقية التوافق التجاري أمام أصحاب القرار.
وأما الخطوة الثالثة، فتتمثل في ربط الأهداف الإستراتيجية بالمبادرات التشغيلية بشكلٍ مباشر ومنهجي. وهنا يقترح المؤلفان استخدام أدوات مثل خرائط التوافق التي توضح العلاقة بين ما تسعى إليه المؤسسة إستراتيجيًا وما تنفذه فعليًا على أرض الواقع. الأمر الذي يقلل من الهدر ويعزز من فاعلية التوافق التجاري عبر مختلف المستويات التنظيمية.
التوافق التجاري كعملية مستمرة
بعد بناء الأساس الإستراتيجي، ينتقل كتاب 10 Steps to Successful إلى معالجة الفجوات بين الوضع الحالي والوضع المستهدف. وهي خطوة محورية لضمان نجاح التوافق التجاري. إذ يتطلب الأمر تحليلًا دقيقًا للفجوات في الأداء، والموارد، والمهارات، مع تقييم المخاطر والفرص المتاحة. بما يسمح بتوجيه الجهود نحو ما يحقق أعلى قيمة ممكنة.
وفي هذا السياق، يشدد المؤلفان على أهمية التخصيص الإستراتيجي للموارد، سواء كانت مالية أو بشرية أو تقنية. فالموارد المحدودة يجب أن توجه نحو المبادرات الأكثر توافقًا مع الأهداف الإستراتيجية، مع التركيز على تحقيق أعلى عائد على الاستثمار. ويعد هذا البعد من أبرز نقاط قوة الكتاب؛ إذ يربط التوافق التجاري مباشرة بمنطق الجدوى الاقتصادية.
ومع الانتقال إلى مرحلة التنفيذ، يؤكد الكتاب على ضرورة بناء خطط تفصيلية تشمل الجداول الزمنية، والمسؤوليات، والمعالم الرئيسية. إلى جانب آليات مرنة للتعديل المستمر. كما يبرز دور التواصل الداخلي الفعال، من خلال التدريب والاجتماعات الدورية، لضمان فهم جميع الأطراف لمفهوم التوافق التجاري وأهميته في تحقيق النجاح المؤسسي.
قياس العائد والتحسين المستمر
في المراحل المتقدمة، يركز كتاب 10 Steps to Successful على التنفيذ والمراقبة المستمرة للأداء باستخدام لوحات تحكم رقمية، تتيح الكشف المبكر عن أي انحرافات عن المسار المخطط. ويعد هذا النهج عنصرًا حاسمًا لضمان بقاء التوافق التجاري حيًا وفعالًا طوال دورة حياة المشروع، وليس مجرد مفهوم نظري في وثائق التخطيط.
كما يمنح المؤلفان اهتمامًا خاصًا لقياس التأثير والعائد على الاستثمار، ليس فقط من منظور مالي. بل أيضًا من خلال تحليل الفوائد غير الملموسة مثل تحسين السمعة المؤسسية. ورفع مستوى رضا الموظفين، وتعزيز ولاء العملاء. وبهذا المعنى، يتجاوز التوافق التجاري كونه أداة إدارية، ليصبح فلسفة شاملة لإدارة القيمة.
ويختتم كتاب 10 Steps to Successful بالتأكيد على أهمية التحسين المستمر والتعديل الدوري للإستراتيجيات، استنادًا إلى النتائج والدروس المستفادة. ففي عالم الأعمال المتغير، لا يمكن تحقيق التوافق التجاري مرة واحدة فقط. بل يجب مراجعته وتحديثه باستمرار، لضمان بقاء المؤسسة قادرة على التكيف وتحقيق نتائج ملموسة في مواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة.
الرابط المختصر :
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه





