اجتماع الدم في قنوات.. تحقيق يكشف كواليس قتل وتهجير البدو من السويداء

كشفت تحقيق استقصائي لصحيفة الثورة بعنوان “الفراغ الأمني الذي ابتلع البدو.. كواليس اجتماع الدم في السويداء”، تفاصيل دامية عن أحداث وقعت في محافظة السويداء منتصف تموز الماضي، إثر انسحاب قوات الجيش والأمن، ما أدى إلى فراغ أمني استغلته فصائل محلية لتنفيذ عمليات قتل وتهجير ممنهجة بحق عشائر البدو.
شهادات مروعة
تضمن التحقيق شهادات مروعة لنجاين، منها شهادة شعبان الحمد الذي وثق مشهدين صادمين؛ الأول لامرأة حامل بقر بطنها وسحب جنينها من رحمها في مدينة شهبا، والثاني لطفل قطع رأسه برشاش “دوشكا” أمام والدته الغارقة في دمائها.
وأرفق التحقيق بصور تظهر جثثاً تنهشها الكلاب على قارعة الطريق وأخرى مكدسة في ساحات عامة، ما يعكس حجم الفظائع المرتكبة.
اجتماع الدم
ويسرد التحقيق كيف ملأت فصائل محلية، بعضها مرتبط بالمجلس العسكري في السويداء، الفراغ بعد انسحاب قوات الجيش والأمن من محافظة السويداء صباح 17 تموز، لتنفيذ خطة تم إعدادها مسبقاً في اجتماع سري بمزرعة في بلدة قنوات بحضور الشيخ حكمت الهجري.
وبحسب شهادة أحد الحاضرين للاجتماع فقد تم وضع خطة لطرد البدو بالقوة، وشمل توزيع المهام على الفصائل المحلية المشاركة، في ما وصفه التحقيق بـ”اجتماع الدم”، الذي حضره أبرز قادة الفصائل المحلية كـ عميد جريرة وبهاء الشاعر وأبو ذياب وطارق الشوفي.
تصعيد ميداني وتحريض رقمي
ويشير التحقيق إلى أن ما صدر عن “اجتماع الدم” لم يكن قراراً مفاجئاً؛ ففي الساعات التي سبقت الاجتماع وخلال يوم 17 تموز نفسه، كان وسم “السويداء_تحارب_الإرهاب” يسجل قفزة غير مسبوقة، وذلك في مؤشر على حملة تعبئة منسقة.
وترافق هذا الانفجار الرقمي مع مقاطع مصورة تداولتها منصات محلية عن كمائن استهدفت الجيش ومثلت بجثث عناصره، إضافة إلى اعتقالات عشوائية طالت مدنيين من البدو داخل المدينة.
وساهم هذا التزامن بين التصعيد الميداني والتضخيم الرقمي في تصوير البدو كـ”خطر وجودي يجب اقتلاعه”، الأمر الذي هيأ الأرضية لاجتماع المزرعة، حيث اتخذ القرار الفعلي بالهجوم.
توثيق المجازر
ووثق التحقيق تنفيذ الفصائل المحلية في السويداء عمليات قتل ميداني وحرق ونهب للمنازل بشكل ممنهج في أكثر من 9 قرى وأحياء، بينها حي المقوس وشهبا وسهوة بلاطة والكفر.
كما وثق ناجون من شهبا والمقوس مقتل ما لا يقل عن 60 شخصاً من أقاربهم وجيرانهم عبر قوائم مكتوبة بخط اليد، وقد دفنوهم على عجل، فيما بقي عشرات آخرون في عداد المفقودين حتى اليوم.
سرد للأحداث
وسرد التحقيق الأحداث التي وقعت في السويداء في تموز الماضي، حيث كانت الشرارة الأولى في 11 تموز، وتمثّلت بحادثة سرقة شاحنة خضار على طريق دمشق–السويداء، تبعها سلسلة من عمليات الخطف المتبادل بين البدو والدروز، وتحولت خلال يومين إلى مواجهات عنيفة شملت قصفاً للأحياء التي يقطنها عشائر بدوية، وحصاراً للقرى.
وأشار التحقيق إلى أن هذه الحوادث كانت بمثابة الذريعة التي استغلت لتبرير التصعيد المنظم ضد العشائر.
وفي 14 تموز، دخلت قوات الجيش والأمن كقوة فصل لكنها قوبلت برفض الفصائل المحلية، وتعرّضت لكمائن متزامنة أدت إلى مقتل وأسر عدد من عناصرها، ووثق التحقيق من خلال مقاطع فيديو عمليات التمثيل بالجثث والقتل الميداني لعناصر الجيش والأمن.
بالتزامن مع ذلك، شنت طائرات مسيرة إسرائيلية ضربات داخل السويداء ودمشق استهدفت وزارة الدفاع ومحيط القصر الرئاسي، وألقى السيد الرئيس أحمد الشرع خطاباً عاجلاً أعلن فيه خفض مهام الجيش في السويداء، وإحالة مسؤولية الأمن إلى الفصائل ومشايخ العقل، من أجل المصلحة الوطنية العليا.
الانسحاب ثمرة تقدير استراتيجي
ونقلت الصحيفة عن المحلل العسكري ضياء قدور، الذي يرى أن “الانسحاب من السويداء لا يمكن قراءته كقرار معزول أو ارتجالي، هو ثمرة تقدير استراتيجي دقيق للواقع السياسي والأمني في سوريا أمام تصاعد الضربات الإسرائيلية على مراكز حساسة، وتنامي الاحتقان الداخلي”.
ويشير قدور إلى أن الانسحاب رافقه إجراءات للحد من الفراغ الأمني، أبرزها التنسيق مع وجهاء السويداء ومشايخ العقل لمنع الفوضى.
ونقل التحقيق عن مديرة قسم التوثيق في الشبكة السورية لحقوق الإنسان نور الخطيب قولها إن “قسم التوثيق في الشبكة تلقى عدداً من البلاغات الأولية من مصادر محلية موثوقة، إضافة إلى شهادات مباشرة من شهود عيان وأقارب للضحايا، تشير هذه الإفادات إلى أن الضحايا كانوا من المدنيين غير المشاركين في أي عمليات قتالية، وأن عمليات التهجير ارتبطت بانتماءات عشائرية أو طائفية”.
وأضافت الخطيب: “تشير المعلومات الأولية التي حصلنا عليها – والتي لا تزال قيد التحقق – إلى تورط مجموعات مسلحة محلية، من بينها عناصر يعتقد أنها مرتبطة بمليشيات تابعة لعائلة الهجري، في تنفيذ عمليات القتل أو التهجير”.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه