انتهت فترة الانتقالات الصيفية لدوري روشن، لكن الأجواء التي يعرفها المتابعون للكرة السعودية لم تتغير، فالمشهد نفسه يتكرر عامًا بعد عام: اتحاد يتردد في اتخاذ القرارات، ينتظر حتى اللحظة الحرجة ويصدر أحكامه بعد أن تكون الأندية قد وضعت خططها والجماهير قد بنت توقعاتها، هذه السمة لم تعد مجرد حادثة استثنائية. بل باتت علامة بارزة تكشف عن ارتباك واضح وانعدام ثقة في مؤسسة يفترض أن تكون ركيزة المشروع الرياضي السعودي الذي يطمح لوضع كرة القدم المحلية في مصاف الدوريات العالمية المتقدمة، المسألة هنا ليست مرتبطة بمحتوى القرارات نفسها، ولا نحن بصدد مناقشة صحتها أو خطئها، قد تكون بعض هذه القرارات صائبة من حيث المبدأ أو حتى ضرورية أحيانًا. وقد تكون بعضها الأخرى مثيرة للجدل، لكن القضية الجوهرية التي تثير الاستياء ليست مضمون القرارات، بل توقيتها المتأخر الذي يربك المشهد الكروي بأكمله، التوقيت وحده كفيل بأن يحوّل أي قرار حتى لو كان في مضمونه صحيحًا إلى عامل فوضى واهتزاز ثقة، على سبيل المثال طرح التصويت المفاجئ لنظام مشاركة لاعبي المواليد، والذي بدا وكأنه اختبار عشوائي للرأي العام أكثر من كونه قرارًا مدروسًا صادرًا عن لجنة فنية خبيرة، والقرارات التي صدرت في بطولة السوبر قبل ساعة واحدة فقط من المباراة النهائية ليكون مثالًا فاضحًا على غياب الحس التنظيمي. حيث أربك الناديين والجماهير وكل من له صلة بالبطولة، أما الموسم الماضي فقد شاهدنا كيف أربك الاتحاد جدول الدوري بإعلانه المفاجئ عن منح النصر النقاط كاملة أمام العروبة قبل الجولة الأخيرة بليلة واحدة، وهو القرار الذي قلب حسابات الفرق وأكد هبوط العروبة في توقيت حساس كان من المفترض أن يكون محسومًا منذ أسابيع، هذه الأمثلة ليست مجرد زلات بسيطة، بل تكشف عن أزمة عميقة في آلية صنع القرار، التأخير المستمر في إعلان المواقف يشير إلى تردد واضح وخوف من تحمّل المسؤولية، وكأن الاتحاد ينتظر حتى تدفعه الظروف دفعًا لاتخاذ قراراته بدل أن يقود هو المشهد بحزم ورؤية. هذا التردد لا يضر فقط بالأندية التي تبني استراتيجياتها على قرارات الاتحاد، بل يهز ثقة الجماهير ويضعف سمعة الدوري السعودي خارجيًا، في وقت نعمل فيه بكل قوة ليكون مشروعنا الرياضي نموذجًا عالميًا، حين يعتاد الشارع الرياضي على أن القرارات المصيرية قد تأتي قبل ساعة من المباريات أو قبل جولة حاسمة بليلة واحدة، فإن ذلك يزرع الشك والقلق بدلًا من أن يعزز الثقة في عدالة المنافسات، فالتأخير المستمر لا يخلق سوى بيئة مضطربة تضر بجميع الأطراف. رسالتي القرارات التي تصنع المستقبل لا تُكتب في الهامش ولا تُؤجل إلى اللحظات الحرجة. ** ** - محلل فني
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه