مع حلول موسم انتشار فيروسات الجهاز التنفسي، يزداد الاهتمام بكل ما يمكن أن يدعم الجهاز المناعي، وغالبًا ما يتصدر الحديث عن المكملات الغذائية، خاصة الزنك والفيتامين سي باعتبارهما خيارَين شائعَين. غير أن السؤال الأهم لا يتعلق بالشعبية، بل بما يقدمه كل منهما فعليًا للجسم، وما إذا كان أحدهما أفضل من الآخر، أو إن كان الجمع بينهما منطقيًا من الناحية العلمية.
من الضروري توضيح نقطة أساسية منذ البداية: تناول المكملات لا يمنع الإصابة بالفيروسات، إلا أن تعويض النقص في أي من هذين العنصرَين قد يساعد الجسم على العمل ضمن نطاق مناعي صحي وأفضل.
ما هو الفيتامين سي؟
يُعرف الفيتامين سي أيضًا بحمض الأسكوربيك، وهو فيتامين ذائب في الماء، ولا يستطيع الجسم تصنيعه ذاتيًا، ما يجعل الحصول عليه عبر الغذاء أو المكملات أمرًا ضروريًا. يتميز هذا الفيتامين بكونه مضاد أكسدة قوي، إذ يساعد على تحييد الجزيئات الضارة التي تتولد يوميًا بفعل التمثيل الغذائي أو التعرض للعوامل البيئية.
إلى جانب دوره المضاد للأكسدة، يساهم الفيتامين سي في إنتاج الكولاجين، وتسريع التئام الجروح، وتحسين امتصاص الحديد. يختلف الاحتياج اليومي منه حسب الجنس، إلا أن معظم البالغين يحصلون على كفايتهم من خلال النظام الغذائي المتوازن. مع ذلك، قد تنخفض مستوياته لدى فئات معينة، مثل المدخنين أو مَن يتبعون أنظمة غذائية محدودة أو مَن يعانون حالات مرَضية تؤثر في الامتصاص.
ما هو الزنك؟
الزنك معدن يحتاجه الجسم بكميات قليلة، ويوجد في خلايا الجسم كافة، ويلعب دورًا محوريًا في العديد من العمليات الحيوية. يعتمد عليه الجهاز المناعي في نمو الخلايا المناعية ووظائفها، كما يساهم في التئام الجروح، والحفاظ على حاستَي التذوق والشم، والمشارَكة في تصنيع الحمض النووي.
لا يخزن الجسم الزنك، ولذلك ينبغي الحصول عليه بانتظام من الغذاء أو المكملات. تختلف الاحتياجات اليومية منه حسب العمر والجنس، إلا أن الكميات الموصى بها عادةً تكون صغيرة نسبيًا، ما يجعل الوصول إليها ممكنًا عبر الغذاء اليومي لدى معظم الأشخاص.
دور الزنك والفيتامين سي في دعم المناعة
يعمل كل من الزنك والفيتامين سي بآليات مختلفة في الجهاز المناعي، وهو ما يفسر الاهتمام بهما معًا. تشير الدراسات إلى أن الفيتامين سي قد يساهم في تنظيم الاستجابة المناعية، ودعم وظائف خلايا الدم البيضاء، بما فيها الخلايا التائية، التي تلعب دورًا في مقاومة العدوى، كما يدعم الحواجز الطبيعية للجسم، مثل الجلد والأغشية المخاطية.
في المقابل، يُعد الزنك عنصرًا أساسيًا لنشاط الخلايا المناعية، بما في ذلك الخلايا التائية والخلايا القاتلة الطبيعية، التي تشارك في التعرف على الفيروسات والقضاء عليها، ولهذا قد يؤدي نقص الزنك إلى ضعف في تكاثر الخلايا اللمفاوية وتراجع كفاءة الاستجابة المناعية.
عند المقارنة بينهما، يصعب اعتبار أحدهما “أفضل” من الآخر، إذ يؤدي كل عنصر وظيفة مستقلة ومكملة، والأهم هو التركيز على تجنب النقص في أي منهما، لأن كليهما ضروري لعمل الجهاز المناعي بكفاءة.
هل الجمع بين الزنك والفيتامين سي مفيد؟
يرجع الجمع بين هذين العنصرَين في كثير من المنتجات إلى مفهوم التآزر، أي أن التأثير المشترك قد يكون أكبر من مجموع تأثير كل عنصر على حدة، وتشير بعض البيانات إلى أن الجمع بينهما قد يساهم في تقليل مدة نزلات البرد أو تخفيف حدتها، دون أن يعني ذلك الوقاية الكاملة منها.
في السابق، أُثيرت مخاوف حول إمكانية تعارض امتصاصهما عند تناولهما معًا، إلا أن الأدلة الحالية تشير إلى عدم وجود تداخل ملحوظ عند استخدام الجرعات المعيارية منهما. بل إن بعض النتائج توحي بأن الفيتامين سي قد يحسن امتصاص الزنك بدرجة طفيفة.
الجرعات والاعتبارات العملية
توجد حدود آمنة لتناول كل من الزنك والفيتامين سي. بالنسبة للزنك، قد يؤدي تجاوز الحد الأعلى المسموح به لفترات طويلة إلى حدوث مشكلات مثل التأثير في امتصاص النحاس. أما الفيتامين سي، فرغم أمانه النسبي، فإن الجرعات العالية جدًا قد تسبب اضطرابات هضمية كالإسهال والمغص.
تشير الدراسات المتعلقة بنزلات البرد إلى أن الزنك قد يقلل مدة الأعراض بعدة أيام، لكنه يرتبط بتأثيرات جانبية غير محببة مثل الغثيان والطعم المعدني. أما الفيتامين سي، فلا يمنع الإصابة، لكنه قد يقلل شدة الأعراض أو مدتها بشكل طفيف عند تناوله بانتظام.
المصادر الغذائية للفيتامين سي
تشمل الأغذية الغنية بالفيتامين سي: الفلفل الحلو، وعصير البرتقال، والبرتقال الطازج، والجريب فروت، والكيوي، والبروكلي. إدخال هذه الأطعمة ضمن النظام الغذائي اليومي يكفي غالبًا لتغطية الاحتياج.
المصادر الغذائية للزنك
يوجد الزنك بكثرة في المحار، واللحم البقري، وسرطان البحر، وحبوب الشوفان المدعمة، وبذور اليقطين، ولحم الديك الرومي، والجبن. التنوع الغذائي يساعد على تحقيق التوازن المطلوب دون الحاجة إلى مكملات عالية الجرعة.
الأسئلة الشائعة
هل يمكن الاعتماد على الزنك والفيتامين سي للوقاية من نزلات البرد؟
لا تشير الأدلة إلى أن الزنك والفيتامين سي يمنعان الإصابة بنزلات البرد، لكنهما قد يساهمان في تقليل مدة الأعراض أو شدتها لدى بعض الحالات.
هل تناول المكملات ضروري للجميع؟
لا تكون المكملات ضرورية في العادة لمن يحصلون على كفايتهم من الغذاء، والحاجة الحقيقية تكون غالبًا عند وجود نقص مثبت.
نصيحة من موقع صحتك
الحفاظ على جهاز مناعي سليم يعتمد بالدرجة الأولى على نظام غذائي متوازن ونمط حياة صحي. يمكن أن يلعب الزنك والفيتامين سي دورًا داعمًا عند وجود نقص، لكن الإفراط في تناول المكملات لا يقدم فائدة إضافية ملموسة. الاعتدال، والاعتماد على الغذاء المتنوع، والانتباه إلى الحدود الآمنة، تبقى الأساس في دعم المناعة دون تعريض الجسم لتأثيرات جانبية غير ضرورية.
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً



