فيديو واعترافات متداولة لطارق الشوفي تثير جدلا في السويداء

تداول ناشطون، الثلاثاء، مقطع فيديو يظهر طارق الشوفي، قائد ما يُعرف بـ“المجلس العسكري” في السويداء، بعد توقيفه من قبل مجموعات محلية، وسط تضارب في الروايات حول خلفيات اعتقاله.

ويأتي انتشار التسجيل في وقت تشهد فيه محافظة السويداء توتراً أمنياً متزايداً، تزامناً مع اتهامات متبادلة بين مجموعات مسلحة محلية، وتسريبات تتعلق بعلاقات خارجية وتمويل مشبوه.

تسجيلات متداولة واعترافات

أفادت مصادر محلية بأن التسجيلات المصوّرة التي جرى تداولها حديثاً تظهر طارق الشوفي، الذي يُقدَّم بوصفه قائد “المجلس العسكري في السويداء”، وهو يتحدث عمّا وُصف بـ“اعترافات خطيرة” تتعلق بمسؤوليته عن اضطرابات أمنية شهدتها المحافظة خلال الفترة الماضية.

وبحسب هذه المصادر، فإن التسجيلات لا تعود إلى توقيف حديث، إذ كان خبر اعتقال الشوفي قد جرى تداوله سابقاً في آب/أغسطس الماضي، قبل أن يعاد نشر المقاطع المصوّرة في الأيام الأخيرة، ما أثار تساؤلات حول توقيت بثها وأهداف إعادة تداولها.

ميليشيات الهجري تنشر تسجيل يظهر فيه طارق الشوفي أسيراً ويبث اعترافات وقامت بذلك بعد مقال الواشنطن بوست في محاولة لتحميله أمور وتلميع صورة الهجري علماً أن الهجري من يقود التنسيق المباشر مع اسرائيل وزعيم القوادين كما يقولون pic.twitter.com/PDYXJshnHp— Omar Alhariri (@omar_alharir) December 23, 2025

وأثار ظهور الشوفي في هذه المقاطع جدلاً واسعاً، في ظل غياب أي معلومات موثوقة عن ظروف تسجيلها، أو الجهة التي تقف خلف نشرها، أو ما إذا كانت قد أُخذت في سياق ضغوط أو تسويات داخلية.

وفي آب/أغسطس الماضي، ظهر الشوفي في تسجيل مصوّر آخر أكد فيه أنه كان مختطفاً، نافياً أن يكون توقيفه حينها قد جرى في إطار قانوني أو أمني رسمي.

تصريح لرئيس المجلس العسكري في السويداء طارق الشوفي ( أحد ضباط فلول النظام السابق ) يتحدث فيه عن اختطافه من قبل نورس عزام أحد قادة مجموعات ميليشيات حكمت الهجري مما يوضح حجم الخلافات بين الميليشيات والمجلس داخل المحافظة وعن الانفلات الأمني فيها pic.twitter.com/WuSBlBi4xs— Omar Alhariri (@omar_alharir) August 3, 2025

وبحسب روايات محلية متداولة، فإن مجموعة مسلحة يُزعم تبعيتها لـ سلمان الهجري اقتحمت مقر اجتماع كان يضم الشوفي وعدداً من الأشخاص، ما أدى إلى إصابة أربعة من المجتمعين بجروح متفاوتة.

وتشير الروايات ذاتها إلى أن الاقتحام نُفّذ من قبل مجموعة يقودها نورس عزام، وحسن أبو عجرم، ووائل الشعراني، وأيهم القنطار، وهم أشخاص تُوجَّه إليهم اتهامات غير مثبتة بالضلوع في تجارة المخدرات وعمليات ابتزاز وخطف، في هجوم قيل إنه جاء على خلفية توترات تتعلق بالسيطرة الأمنية، وسعي “المجلس العسكري” إلى الحد من نفوذ شبكات تهريب تستفيد من حالة الفوضى في المنطقة.

وبحسب المصادر نفسها، تعرّض الشوفي خلال احتجازه للإهانة، وصودرت هواتفه الشخصية، قبل أن يُفرج عنه لاحقاً تحت ضغوط مارسها وجهاء دينيون وعشائريون. إلا أن المجموعة الخاطفة، وفق هذه الروايات، احتفظت بهواتفه بعد تصوير تسجيل مرئي قيل إنه استُخدم لمحاولة تلفيق اتهامات ضده.

كما جرى تداول اتهامات مباشرة تطال سلمان الهجري بالارتباط بشبكات وأجهزة تابعة للنظام السابق، وبالتورط في تجارة المخدرات، وهي اتهامات لم يصدر بشأنها أي تأكيد مستقل.

بالتوازي مع تداول التسجيلات، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي روايات غير مؤكدة تزعم أن توقيف الشوفي في آب/أغسطس الماضي جاء على خلفية صراع على طرق تهريب، واتهامه باستخدام مسارات تُنسب إلى مجموعات أخرى نافذة في السويداء.

وتذهب بعض هذه الروايات إلى اتهامه بالضلوع في إدخال كميات كبيرة من المواد المخدرة إلى دول مجاورة، بما أضر بمصالح شبكات تهريب منافسة، وهو ما قيل إنه فجّر الخلاف وأدى إلى استدراجه ثم اعتقاله.

في المقابل، لم يصدر أي تأكيد رسمي لهذه الاتهامات، كما لم تُعرض أدلة موثقة تدعمها، ما يبقيها ضمن إطار السرديات المتداولة في صراع داخلي معقّد، تتداخل فيه المصالح الاقتصادية مع الحسابات السياسية والأمنية.

تحقيق واشنطن بوست

زاد من تعقيد المشهد تقرير نشرته واشنطن بوست، نقلت فيه عن مسؤولين إسرائيليين سابقين قولهم إنهم تواصلوا مع طارق الشوفي قبل سقوط نظام الأسد، وإنه جرى العمل على تشكيل مجلس عسكري في السويداء بدعم خارجي.

ووفق التقرير، جرى تجنيد نحو 20 شخصاً من ذوي الخبرة العسكرية، مع توزيع رتب ومهام، وإنشاء مركز قيادة في مبنى قديم داخل المدينة، بتمويل قُدّر بنحو 24 ألف دولار أميركي.

وأشار التقرير كذلك إلى أن الشيخ حكمت الهجري أبدى، بحسب الصحيفة، دعماً لفكرة كيان درزي مستقل بدعم إسرائيلي، وهي مسألة أثارت ردود فعل غاضبة ومشككة داخل الأوساط المحلية، التي اعتبرت هذه الطروحات تهديداً مباشراً للنسيج الاجتماعي في السويداء.

ما هو المجلس العسكري في السويداء؟

تأسس ما يُعرف بـ“المجلس العسكري للسويداء” في 24 شباط/فبراير 2025، ككيان عسكري محلي يضم ضباطاً منشقين عن الجيش السوري، إلى جانب عسكريين متقاعدين ومقاتلين محليين من أبناء المحافظة.

وترأس المجلس العقيد طارق الشوفي، وهو ضابط درزي انشق عن الجيش السوري في وقت سابق، وبرز اسمه خلال الأشهر الماضية.

ورغم أن المجلس قدّم نفسه في بداياته كإطار يهدف إلى “حماية السويداء والدفاع عن أهلها”، إلا أن خصومه اتهموه بالتحول إلى أداة صراع نفوذ، والدخول في ترتيبات أمنية وسياسية تتجاوز الطابع المحلي.