الاقتصاد الدائري.. ماذا يوجد داخل أدوات الذكاء الاصطناعي ذاتية التمويل؟

عندما أعلنت شركة أوراكل في سبتمبر الماضي، صفقة حوسبة بمئات المليارات من الدولارات مع أوبن أيه آي، ارتفع سهم الشركة الرائدة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي بنسبة تراوح بين 30% و40% خلال يوم واحد.
كما بلغت الزيادة في القيمة السوقية نحو 330 مليار دولار، أي أكثر من إجمالي إيرادات أوراكل خلال العقد الماضي بأكمله. ولاحقًا، أقرت الشركة بأنها ستتكبد خسائر من هذه الصفقة.
وفي سياق ذلك، تعهدت إنفيديا بضخ استثمار بقيمة 100 مليار دولار في أوبن أيه آي. بينما تبيعها الشرائح الإلكترونية نفسها التي يفترض أن تمول هذا الإنفاق.
أما مايكروسوفت، فقد سجلت فواتير الحوسبة الخاصة بـأوبن أيه آي كإيرادات لمنصة Azure، ثم أعادت استثمار العائدات في شركة CoreWeave، وهي مورد آخر لـOpenAI وتعتبر إنفيديا ضمن مساهميها. كذلك، يبدو المشهد بأكمله وكأنه تمويل دائري على نطاق كوكبي.
تمويل تطبيقات الذكاء الاصطناعي
في المقابل، خسرت أوبن أيه آي نحو 5 مليارات دولار عام 2024 مقابل إيرادات بلغت 3.7 مليار دولار. وسبق أن تم تقدير إنفاقها بنحو 9 مليارات دولار سنويًا فقط للحفاظ على تشغيل نماذجها. ذلك دون احتساب الرواتب أو الإيجارات أو البحث والتطوير.
وبحسب تقديرات المستثمرين والإحصائيات، من المفترض أن تصل الخسائر إلى 14 مليار دولار هذا العام و44 مليار دولار تراكميًا بحلول 2028.
وعلى الرغم من ذلك، تقدر قيمة الشركة بنحو نصف تريليون دولار. ما يجعلها من بين أعلى الشركات الخاصة قيمة في العالم رغم أنها لم تحقق أرباحًا قط.
بينما تتوقع شركة IBM أن ترتفع تكاليف الحوسبة المؤسسية بواقع 90% بين عامي 2023 و2025، مع إرجاع نحو 70% من التنفيذيين السبب إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي.
كما أشارت بيانات Kruze Consulting إلى أن الشركات الناشئة تنفق حاليًا نحو نصف إيراداتها على الخدمات السحابية وتشغيل النماذج، أي ضعف ما كانت عليه قبل عامين.
وعندما تحاول حل مشكلة تكلفتها 100 دولار باستخدام موارد حوسبة بقيمة 120 دولارًا، فأنت لا تملك نموذج أعمال، بل برنامج دعم مالي.
فقاعة الذكاء الاصطناعي
في كثير من الأحيان، يعتبر المحرك التجاري الذي يشار إليه واجهات برمجة التطبيقات (API) الخاصة بـOpenAI. حيث حقق نحو مليار دولار من الإيرادات العام الماضي. لكنه ظل خاسرًا.
وإذا كان مزود النماذج الرائد غير قادر على بيع الوصول إلى نماذجه بشكل مربح، فإن الإنفاق المتوقع على بنية الذكاء الاصطناعي التحتية، البالغ 2.8 تريليون دولار حتى 2029، يبدأ في الظهور ليس كاستثمار إستراتيجي، بل كتكرار لما حدث في فورة الألياف الضوئية عام 1999.
كما تقدر سيتي غروب أن الإنفاق الرأسمالي المرتبط بالذكاء الاصطناعي سيتجاوز 1% من نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. وهو مستوى من التركز لم يشاهد إلا خلال فترات التعبئة الحربية أو الهوس المضاربي.
الذكاء الاصطناعي يدعم الاقتصاد الدائري
يدور المال في حلقة مغلقة. إذ تمول مايكروسوفت أوبن أيه آي، وتبيع لها سعة Azure، كما تستثمر في CoreWeave، ثم تسجل كل ذلك كإيرادات سحابية.
كذلك، تتبع أمازون وجوجل النموذج ذاته مع Anthropic. حيث تلعبان دور المستثمر والمورد في آن واحد.
أما إنفيديا، تمول شركات ذكاء اصطناعي ناشئة تنفق لاحقًا مليارات الدولارات لشراء رقائق إنفيديا نفسها.
وأشارت تقارير إلى أن أوبن أيه آي استحوذت على حصة في AMD بالتوازي مع التزامها بشراء عتادها.
علاوة على ذلك، يعتبر هذا المشهد أقرب إلى دائرة مغلقة منه إلى سوق تنافسي. حيث يندمج المستثمر والعميل والمورد في كيان واحد.
ويقدر الخبراء أن مايكروسوفت وحدها شكلت نحو 20% من إيرادات إنفيديا في الربع الماضي.
نمو دائري لا يعكس طلبًا حقيقيًا
وعلى مدار عصر فقاعة الإنترنت، سمي هذا السلوك بإسم تدوير الإيرادات (Revenue Round-Tripping). حيث كانت شركات الاتصالات تدفع لبعضها مقابل السعة لتسجيل مبيعات متبادلة.
وعلى أرض الواقع، تضخمت الإيرادات، لكن النقد لم يكن موجودًا فعليًا. ورغم أن قطاع الذكاء الاصطناعي لم يصل بعد إلى تلك المرحلة، إلا أن أوجه الشبه مقلقة. فعندما يمر الدولار نفسه عبر ثلاث ميزانيات عمومية، تتضخم وهم الربحية.
منافسة شديدة داخل الأسواق
في عام 1999، كانت المضاربات محصورة في شركات تقنية صغيرة. أما اليوم، تقع النسخة الحالية في قلب الأسواق العالمية. حيث تمثل سبع شركات فقط ألفابت، أمازون، آبل، ميتا، مايكروسوفت، إنفيديا، وتسلا. أكثر من نصف مكاسب مؤشر S&P 500 منذ أواخر 2022.
وقد ارتفع إنفاقها الرأسمالي بواقع 40% العام الماضي، مقابل 3.5% فقط لبقية الشركات المدرجة. حيث إن صناديق المؤشرات مبنية على رهان واحد مفاده أن الذكاء الاصطناعي سيسدد تكلفته يومًا ما.
كما يقدر JPMorgan أن الأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي حققت 75% من عوائد S&P 500 و90% من نمو الإنفاق الرأسمالي منذ إطلاق ChatGPT. وأي تصحيح محتمل قد ينعكس على ثروات الأسر، وصناديق التقاعد، وحسابات 401(k) المرتبطة بـ«السبعة العظام».
المصدر: Arabian Business
الرابط المختصر :
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
اقرأ أيضاً





